((وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين
إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدكما أو كلاهما فلا تقل لهما أفٍ ولا
تنهرهما وقل لهما قولا كريما(23) واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب
ارحمهما كما ربياني صغيرا))
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله،
وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد:
فإن الله عز وجل قرن حق الوالدين بحقه في آيات كثيرة، مثل قوله عز وجل:
{وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ
إِحْسَانًا}[1]، وقوله عز وجل: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا
إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا}[2]، وقوله سبحانه: {وَوَصَّيْنَا
الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ
وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ
الْمَصِيرُ}[3]، والآيات في هذا المعنى كثيرة، وهذه الآيات تدل على وجوب
برهما، والإحسان إليهما وشكرهما على إحسانهما إلى الولد من حين وجد في بطن
أمه إلى أن استقل بنفسه وعرف مصالحه، وبرهما يشمل الإنفاق عليهما عند
الحاجة، والسمع والطاعة لهما في المعروف، وخفض الجناح لهما، وعدم رفع الصوت
عليهما، ومخاطبتهما بالكلام الطيب والأسلوب الحسن، كما قال الله عز وجل في
سورة بني إسرائيل: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ
وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ
أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا
وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ
مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّي ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي
صَغِيرًا}[4]، وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل: ((أي
العمل أفضل؟ قال: الصلاة على وقتها، قيل: ثم أي؟ قال: بر الوالدين، قيل: ثم
أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله))، وقال صلى الله عليه وسلم: ((رضا الله في
رضا الوالدين، وسخط الله في سخط الوالدين)) خرجه الترمذي، وصححه ابن حبان
والحاكم، من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما. والأحاديث في
وجوب برهما والإحسان إليهما كثيرة جداً
ضد البر: هو العقوق لهما، وذلك من أكبر
الكبائر؛ لما ثبت في الصحيحين، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ألا
أنبئكم بأكبر الكبائر؟ ثلاثاً: قلنا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك
بالله، وعقوق الوالدين، وكان متكئاً فجلس فقال: ألا وقول الزور، ألا وشهادة
الزور))، وفي الصحيحين أيضاً عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله
عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من الكبائر شتم الرجل
والديه، قيل يا رسول الله: وهل يسب الرجل والديه؟ قال: نعم، يسب أبا الرجل
فيسب أباه، ويسب أمه فيسب أمه))، فجعل صلى الله عليه وسلم التسبب في سب
الوالدين سباً لهما، فالواجب على كل مسلم ومسلمة العناية ببر الوالدين،
والإحسان إليهما، ولاسيما عند الكبر والحاجة إلى العطف والبر والخدمة، مع
الحذر كل الحذر من عقوقهما والإساءة إليهما بقول أو عمل، والله المسئول أن
يوفق المسلمين لكل ما فيه رضاه، وأن يفقههم في الدين، وأن يعينهم على بر
والديهم، وصلة أرحامهم، وأن يعيذهم من العقوق والقطيعة للرحم، ومن كل ما
يغضب الله ويباعد من رحمته، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله وسلم على
نبينا محمد، وآله وصحبه.
اهتم الإسلام ببر الوالدين والإحسان إليهما
والعناية بهما، وهو بذلك يسبق النظم المستحدثة في الغرب مثل: ( رعاية
الشيخوخة، ورعاية الأمومة والمسنين ) حيث جاء بأوامر صريحة تلزم المؤمن ببر
والديه وطاعتهما قال تعالى موصيا عباده: وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ
بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً [الأحقاف:15]، وقرن برهما بالأمر بعبادته في
كثير من الآيات؛ برهان ذلك قوله تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ
تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً [الإسراء:23]،
وقوله تعالى: وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً
وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً [النساء:36]، وجاء ذكر الإحسان إلى
الوالدين بعد توحيده عز وجل لبيان قدرهما وعظم حقهما ووجوب برهما. قال
القرطبي رحمه الله في قوله تعالى: وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً
[الأنعام:151]، أي: ( برهما وحفظهما وصيانتهما وامتثال أوامرهما ).
أنواع البر:
أنواع بر الوالدين كثيرة بحسب الحال وحسب الحاجة ومنها:
1 - فعل الخير وإتمام الصلة وحسن الصحبة، وهو في حق الوالدين من أوجب
الواجبات. وقد جاء الإحسان في الآيات السابقة بصيغة التنكير مما يدل على
أنه عام يشمل الإحسان في القول والعمل والأخذ والعطاء والأمر والنهي، وهو
عام مطلق يدخل تحته ما يرضي الإبن وما لا يرضيه إلا أنه لا طاعة لمخلوق في
معصية الخالق.
2 - لا ينبغي للإبن أن يتضجر منهما ولو بكلمة أف بل يجب الخضوع لأمرهما،
وخفض الجناح لهما، ومعاملتها باللطف والتوقير وعدم الترفع عليهما.
3 - عدم رفع الصوت عليهما أو مقاطعتهما في الكلام، وعدم مجادلتهما
والكذب عليهما، وعدم إزعاجهما إذا كانا نائمين، وإشعارهما بالذل لهما،
وتقديمهما في الكلام والمشي إحتراماً لهما وإجلالاً لقدرهما.
4 - شكرهما الذي جاء مقروناً بشكر الله والدعاء لهما لقوله تعالى: وَقُل
رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً [الإسراء:24]. وأن
يؤثرهما على رضا نفسه وزوجته وأولاده.
5 - اختصاص الأم بمزيد من البر لحاجتها وضعفها وسهرها وتعبها في الحمل
والولادة والرضاعة. والبر يكون بمعنى حسن الصحبة والعشرة وبمعنى الطاعة
والصلة لقوله تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ
أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي
وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ [لقمان:14]، ولحديث: { إن الله حرم
عليكم عقوق الأمهات } [متفق عليه] الحديث.
6 - الإحسان إليهما وتقديم أمرهما وطلبهما، ومجاهدة النفس برضاهما حتى
وإن كانا غير مسلمين لقوله تعالى: وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي
مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي
الدُّنْيَا مَعْرُوفاً [لقمان:15].
7 - رعايتهما وخاصة عند الكبر وملاطفتهما وإدخال السرور عليهما وحفظهما
من كل سوء. وأن يقدم لهما كل ما يرغبان فيه ويحتاجان إليه.
8 - الإنفاق عليهما عند الحاجة، قال تعالى: قُلْ مَا أَنفَقْتُم مِّنْ
خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ [البقرة:215]، وتعتبر الخالة
بمنزلة الأم لحديث: { الخالة بمنزلة الأم } [رواه الترمذي وقال حديث صحيح].
9 - استئذانهما قبل السفر وأخذ موافقتهما إلا في حج فرض قال القرطبي
رحمه الله: ( من الإحسان إليهما والبر بهما إذا لم يتعين الجهاد ألا يجاهد
إلا بإذنهما).
10 - الدعاء لهما بعد موتهما وبر صديقهما وإنفاذ وصيتهما.
فضل بر الوالدين:
دلت نصوص شرعية على فضل بر الوالدين وكونه مفتاح الخير منها:
1 - أنه سبب لدخول الجنة: فعن أبي هريرة عن النبي قال: { رغم أنفه، رغم
أنفه، رغم أنفه }، قيل: من يا رسول الله؟ قال: { من أدرك والديه عند الكبر
أحدهما أو كليهما ثم لم يدخل الجنة } [رواه مسلم والترمذي].
2 - كونه من أحب الأعمال إلى الله: عن أبي عبدالرحمن عبدالله بن مسعود
قال: سألت النبي أي العمل أحب إلى الله؟ قال: { الصلاة على وقتها }. قلت:
ثم أي؟ قال: { بر الوالدين }. قلت: ثم أي؟ قال: { الجهاد في سبيل الله }
[متفق عليه].
3 - إن بر الوالدين مقدم على الجهاد في سبيل الله عز وجل: عن عبدالله بن
عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: ( أقبل رجل إلى النبي فقال أبايعك على
الهجرة والجهاد أبتغي الأجر من الله تعالى، فقال : { هل من والديك أحد حي؟ }
قال: نعم بل كلاهما. قال: { فتبتغي الأجر من الله تعالى؟ } قال: نعم. قال:
{ فارجع فأحسن صحبتهما } ) [متفق عليه] وهذا لفظ مسلم وفي رواية لهما: {
جاء رجل فاستأذنه في الجهاد، فقال: أحي والداك؟ قال: نعم. قال: ففيهما
فجاهد }.
4 - رضا الرب في رضا الوالدين: عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله
عنهما عن النبي قال: { رضا الرب في رضا الوالدين، وسخط الرب في سخط
الوالدين } [رواه الترمذي وصححه إبن حبان والحاكم].
5 - في البر منجاة من مصائب الدنيا بل هو سبب تفريج الكروب وذهاب الهم
والحزن كما ورد في شأن نجاة أصحاب الغار، وكان أحدهم باراً بوالديه يقدمهما
على زوجته وأولاده.
التحذير من العقوق:
وعكس البر العقوق، ونتيجته وخيمة لحديث أبي محمد جبير بن مطعم أن رسول
الله قال: { لا يدخل الجنة قاطع }. قال سفيان في روايته: ( يعني قاطع رحم )
[رواه البخاري ومسلم] والعقوق: هو العق والقطع، وهو من الكبائر بل كما
وصفه الرسول من أكبر الكبائر وفي الحديث المتفق عليه: { ألا أنبئكم بأكبر
الكبائر؟ قلنا بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين. وكان
متكئاً وجلس فقال: ألا وقول الزور وشهادة الزور، فما زال يرددها حتى قلنا
ليته سكت }. والعق لغة: هو المخالفة، وضابطه عند العلماء أن يفعل مع والديه
ما يتأذيان منه تأذياً ليس بالهيّن عُرفاً. وفي المحلى لابن حزم وشرح مسلم
للنووي: ( اتفق أهل العلم على أن بر الوالدين فرض، وعلى أن عقوقهما من
الكبائر، وذلك بالإجماع ) وعن أبي بكرة عن النبي قال: { كل الذنوب يؤخر
الله تعالى ما شاء منها إلى يوم القيامة إلا عقوق الوالدين، فإن الله يعجله
لصاحبه في الحياة قبل الموت } رواه الطبراني في الكبير والحاكم في
المستدرك وصححاه].
البر بعد الموت:
وبر الوالدين لا يقتصر على فترة حياتهما بل يمتد إلى ما بعد مماتهما
ويتسع ليشمل ذوي الأرحام وأصدقاء الوالدين؛ { جاء رجل من بني سلمة فقال: يا
رسول الله. هل بقي من بر أبواي شيء أبرهما بعد موتهما؟ قال: نعم، الصلاة
عليهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما بعدهما، وصلة الرحم التي لا توصل
إلا بهما، وإكرام صديقهما } [رواه أبو داود والبيهقي].
ويمكن الحصول على البر بعد الموت بالدعاء لهما. قال الإمام أحمد: ( من
دعا لهما في التحيات في الصلوات الخمس فقد برهما. ومن الأفضل: أن يتصدق
الصدقة ويحتسب نصف أجرها لوالديه ).
أحكام شرعية خاصة بالوالدين:
لا حد على الوالدين في قصاص أو قطع أو قذف. وللأب أن يأخذ من مال ولده
إذا احتاج بشرط أن لا يجحف به، ولا يأخذ شيئاً تعلقت به حاجته. ولا يأخذ من
مال ولده فيعطيه الولد الآخر [المغني:6/522]، وإذا تعارض حق الأب وحق الأم
فحق الأم مقدم لحديث: { أمك ثم أمك ثم أمك ثم أباك } [رواه الشيخان]،
والمرأة إذا تزوجت فحق زوجها مقدم على حق والديها.
وقال في المقنع: ( وليس للإبن مطالبة أبيه بدين، ولا قيمة متلف، ولا أرش
جناية ) قلت: وعلى الوالدين أن لا ينسيا دورهما في إعانة الولد على برهما،
وذلك بالرفق به، والإحسان إليه، والتسوية بين الأولاد في المعاملة
والعطاء. والله أعلم.
عبدالرحمن بن عبدالكريم العبيد
يجوز للوالدين أن ينهيا ولدهما عن فعل
ويتوعدانه بعدم المسامحة ويخوفانه الحساب يوم القيامة، بشرط أن يكون ذلك
الفعل داخلاً في حدود الأمور التي تجب فيها طاعة الولد لوالديه بألا يكون
فيه معصية لله، وأن لا يكون فيه إضرار بالولد، وأن يكون للوالدين فيه غرض
صحيح، وأما إن كان هذا الفعل خارجا عن الأمور التي تجب فيها طاعة الوالدين
فلا حق لهما حينئذ في التوعد عليه، وراجع الفتوى رقم: 76303.
وفي حال وجب على الولد طاعة والديه فيما ينهيانه عنه فإنه إذا خالفهما
كان آثما، ويعظم الإثم كلما اشتد تأذي الوالدين من مخالفة الولد لهما، قال
الهيتمي: .. كَمَا يُعْلَمُ مِنْ ضَابِطِ الْعُقُوقِ الَّذِي هُوَ
كَبِيرَةٌ، وَهُوَ أَنْ يَحْصُلَ مِنْهُ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا
إيذَاءٌ لَيْسَ بِالْهَيِّنِ أَيْ عُرْفًا، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْعِبْرَةَ
بِالْمُتَأَذِّي. اهـ
وعقوق الوالدين من الكبائر، ففي الصحيح عن النَّبِي صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَلاَ أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الكَبَائِرِ ثَلاَثًا؟
قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ،
وَعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ ـ وَجَلَسَ وَكَانَ مُتَّكِئًا ـ فَقَالَ: أَلاَ
وَقَوْلُ الزُّورِ.
ومن عقوبات العقوق سخط الله على العاق، ففي الأدب المفرد للبخاري عن عبد
الله بن عمر ـ رضي الله عنه ـ قَالَ: رِضَا الرَّبِّ فِي رِضَا
الْوَالِدِ، وَسَخَطُ الرب في سخط الوالد.
ومنها أن تعجل له العقوبة في الدنيا، قال البخاري في الأدب المفرد: باب
عقوبة عقوق الوالدين: عن أبي بكرة ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ عَنِ
النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَا مِنْ ذَنْبٍ
أَجْدَرُ أَنْ يُعَجَّلَ لِصَاحِبِهِ الْعُقُوبَةُ مَعَ مَا يُدَّخَرُ له
من البغى وقطيعة الرحم.
ومنها أنه قد يكون سببا لعقوق أولاده له، قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
ولهذا يقال: عفوا تعف نساؤكم وأبناؤكم، وبروا آباءكم تبركم أبناؤكم ـ فإن
الجزاء من جنس العمل، وكما تدين تدان، ومن عقوبة السيئة السيئة بعدها. اهـ
مع التنبيه إلى أن العاصي يوم القيامة يكون تحت المشيئة فإن شاء الله
عاقبه وإن شاء عفا عنه، كما أن التوبة تمحو ما قبلها والتائب من الذنب كمن
لا ذنب له.
والله أعلم.
كيفية معاملة الأم الفاسقة
السؤال:
سؤالي يتعلق بأحد الشباب الصغار من المسلمين . هو ما شاء الله شاب جاد مخلص
وعلى علم ملتزم بتعاليم الإسلام وبسنة النبي صلى الله عليه وسلم ويحاول
بكل جهده اتباع العقيدة الصحيحة . إنه يعيش بمفرده مع أمه المطلقة والتي لا
تتبع الإسلام بالكلية وتنهمك في الكثير من الأعمال التي لا تتفق مع
الإسلام في شيء …أنا على صلة بالشاب وأمه وهما على تراحم وتواد لكني أرى أن
الشاب أحيانا يضيق بتصرفات أمه التي تضعه في مواقف حرجة وأنا لا أستطيع
تقديم النصح له بصورة صحيحة .وفيما يلي بعض الأمثلة لهذه المواقف مثل خروج
الأم من المنزل لمدة قصيرة فيشعر الابن بالخزي من ذلك لكنه يسير معها
خوفا عليها من أن يبادرها أحدا بالكلام ، ….الأم كثيرة التعرف على الرجال
من الجنس الآخر على الطريقة الغربية ، وهي كثيرة الذهاب إلى دعوات العشاء
وتجلس على الطاولة التي غالبا ما تكون ممتلئة بالخمر الذي يحتسيه رفاقها
وصديقاتها لكنها لا تشرب الخمر على الإطلاق وهناك العديد والعديد من
الموضوعات التي يمارسها أصدقاء الأم مثل البدع ويحاول الابن باستمرار دعوة
الأم وتوضيح الأمور لها لكنها دائما ما تتهمه بالتعصب والمغالاة أو أنه من
العصر الحجري . أرجو تقديم النصيحة لصديقي الذي لم يصاحب أحدا غيري فهو
يشعر انه ديوث ويود أن يعرف هل بقاءه مع والدته وهي على هذا النحو من
السلوكيات يعد أمرا صحيحا وهو يخشى عليها من أن يتحرش بها أحد من الغرباء
نظرا لأنها ترتدي الملابس القصيرة غير الإسلامية وهو لم يخبرني بهذه
الأشياء كما أنه لم يفش أسرار الأسرة لكن الأمر بات واضحا لي ولمن حوله .
الرجاء المساعدة جزاك الله تعالى خير الجزاء .
الجواب:
الحمد لله
لا شكّ أنّ القصّة المذكورة مؤلمة ومؤثّرة وخصوصا عندما يُصاب الإنسان
بمصيبة الدّين في أقرب النّاس إليه ويُؤذى أيضا ، ولكن حسبنا الله ونعم
الوكيل وإنا لله وإنا إليه راجعون ولْيعلم هذا الأخ أنّ بر الوالدين من
أوجب الواجبات التي تجب للبشر على البشر لقول الله تعالى { ووصينا الإنسان
بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلي
المصير وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في
الدنيا معروفا } فأمر بمصاحبة هذين الوالدين المشركين اللذين يبذلان الجهد
في أمر ولدهما بالشرك ومع ذلك أمر الله أن يصاحبهما في الدنيا معروفا ،
وإذا كان كذلك فالواجب عليك نحو والدتك أن تنصحها بالكفّ عن هذه المعاصي
وأن تبيّن لها ما في فعلها من الإثم والعقاب فإن استجابت فالحمد لله ، وإلا
فاهجرها هجراً جميلاً ولا تخالطها مخالطةً تضرك في دينك ولا تؤذيها بل
صاحبها في الدنيا بالمعروف وتابع نصيحتها بين الحين والأخر ، وهجرك إياها
لا يضرك لأنك إنما فعلته غيرةً لله وإنكاراً للمنكر .
أنظر إجابة الشيخ محمد بن عثيمين في فتاوى إسلامية (4/196) واللجنة الدائمة
في فتاوى إسلامية (4/204) والشيخ عبد الله بن جبرين في فتاوى المرأة
المسلمة (2/957)
وخلاصة القول في مسألة مساكنتك لها أنّه إذا سُكناك معها سيُفيدها في زيادة
دين أو إيمان أو التزام بواجب أو بُعد عن محرّم أو التّخفيف منه على الأقل
من خلال شعورها بشيء من الرّقابة مثلا أو ردّ أهل السوء عنها وصرفهم ، ولم
يكن في هذه المخالطة ضرر عليك ، فابق معها محتسبا الأجر في كلّ ما تقدّم
والله يُثيبك على صبرك ، وإن كنت قد أعيتك المحاولة ولم تجد فائدة في إحراز
أيّ تقدّم في أيّ مجال مما تقدّم ذكره وكانت المُخالطة لها تسبب ضررا عليك
في دينك أو سُمعتك فلا عليك من حرج في هجرها كما تقدّم مع الاستمرار في
تفقّدها وقضاء حاجاتها ونصحها بين الفَينة والأخرى ، ونسأل الله أن يرزقك
الصّبر ويأجرك على جهدك وهو نِعم المولى ونِعم النّصير .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
قد قص الله عز وجل علينا في كتابه العزيز قصة
قوم لوط في غير موضع من ذلك قول الله تعالى فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها
سافلها وأمطرنا عليها حجارة من سجيل أي من طين طبخ حتى صار كالآحر منضود أي
يتلو بعضه بعضا مسومة أي معلمة بعلامة تعرف بها أنها ليست من حجارة أهل
الدنيا عند ربك أي في خزائنه التي لا يتصرف في شيء منها إلا بإذنه وما هي
من الظالمين ببعيد ما هي من ظالمي هذه الأمة إذا فعلوا فعلهم أن يحل بهم ما
حل بأولئك من العذاب ولهذا قال النبي أخوف ما أخاف عليكم عمل قوم لوط ولعن
من فعل فعلهم ثلاثا فقال لعن الله من عمل عمل قوم لوط لعن الله من عمل عمل
قوم لوط لعن الله من عمل عمل قوم لوط وقال عليه الصلاة والسلام من وجدتموه
يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به قال ابن عباس رضي الله عنهما
ينظر أعلى بناء في القرية فيلقى منه ثم يتبع بالحجارة كما فعل بقوم لوط
وأجمع المسلمون على أن التلوط من الكبائر التي حرم الله تعالى أتأتون
الذكران من العالمين وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم بل أنتم قوم عادون
أي مجاوزون من الحلال إلى الحرام وقال الله تعالى في آية أخرى مخبرا عن
نبيه لوط عليه السلام ونجيناه من القرية التي كانت تعمل الخبائث إنهم كانوا
قوم سوء فاسقين وكان اسم قريتهم سدوم وكان أهلها يعملون الخبائث التي
ذكرها الله سبحانه في كتابه كانوا يأتون الذكران من العالمين في أدبارهم
ويتضارطون في أنديتهم مع أشياء أخرى كانوا يعملونها من المنكرات وروي عن
ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال عشر خصال من أعمال قوم لوط تصفيف الشعر
وحل الأزرار ورمي البندق والحذف بالحصى واللعب بالحمام الطيارة والصفير
بالأصابع وفرقعة الأكعب وإسبال الإزار وحل أزر الأقبية وإدمان شرب الخمر
وإتيان الذكور وستزيد عليها هذه الأمة مساحقة النساء النساء وجاء عن النبي
أنه قال سحاق النساء بينهن زنا وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول
الله أربعة يصبحون في غضب الله ويمسون في سخط الله تعالى قيل من هم يا رسول
الله قال المتشبهون من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال والذي
يأتي البهيمة والذي يأتي الذكر يعني اللواط وروي أنه إذا ركب الذكر الذكر
اهتز عرش الرحمن خوفا من غضب الله تعالى وتكاد السماوات أن تقع على الأرض
فتمسك الملائكة بأطرافها وتقرأ قل هو الله أحد إلى آخرها حتى يسكن غضب الله
عز وجل وجاء عن النبي أنه قال سبعة يلعنهم الله تعالى ولا ينظر إليهم يوم
القيامة ويقول ادخلوا النار مع الداخلين الفاعل والمفعول به يعني اللواط
وناكح البهيمة وناكح الأم وابنتها وناكح يده إلا أن يتوبوا وروي أن قوما
يحشرون يوم القيامة وأيديهم حبالى من الزنا كانوا يعبثون في الدنيا
بمذاكيرهم وروي أن من أعمال قوم لوط اللعب بالنرد والمسابقة بالحمام
والمهارشة بين الكلاب والمناطحة بين الكباش والمناقرة بالديوك ودخول الحمام
بلا مئزر ونقص الكيل والميزان ويل لمن فعلها وفي الأثر من لعب بالحمام
القلابة لم يمت حتى يذوق ألم الفقر وقال ابن عباس رضي الله عنهما إن اللوطي
إذا مات من غير توبة فإنه يمسخ في قبره خنزيرا وقال لا ينظر الله إلى رجل
أتى ذكرا أو امرأة في دبرها وقال أبو سعيد الصعلوكي سيكون في هذه الأمة قوم
يقال لهم اللوطيون وهم على ثلاثة أصناف صنف ينظرون وصنف يصافحون وصنف
يعملون ذلك العمل الخبيث والنظر بشهوة إلى المرأة والأمرد زنا لما صح عن
النبي أنه قال زنا العين النظر وزنا اللسان النطق وزنا اليد البطش وزنا
الرجل الخطى وزنا الأذن الاستماع والنفس تمني وتشتهي والفرج يصدق ذلك
ويكذبه ولأجل ذلك بالغ الصالحون في الإعراض عن المردان وعن النظر إليهم وعن
مخالطتهم ومجالستهم قال الحسن بن ذكوان لا تجالسوا أولاد الأغنياء فإن لهم
صورا كصور العذارى فهم أشد فتنة من النساء وقال بعض التابعين ما أنا بأخوف
على الشاب الناسك من سبع ضار من الغلام الأمرد يقعد إليه وكان يقال لا
يبيتن رجل مع أمرد في مكان واحد وحرم بعض العلماء الخلوة مع الأمرد في بيت
أو حانوت أو حمام قياسا على المرأة لأن النبي قال ما خلا رجل بامرأة إلا
كان الشيطان ثالثهما وفي المردان من يفوق النساء بحسنه فالفتنة به أعظم
وأنه يمكن في حقه من الشر ما لا يمكن في حق النساء ويتسهل في حقه من طريق
الريبة والشر ما لا يتسهل في حق المرأة فهو بالتحريم أولى وأقاويل السلف في
التنفير منهم والتحذير من رؤيتهم أكثر من أن تحصر وسموهم الأنتان لأنهم
مستقذرون شرعا وسواء في كل ما ذكرناه نظر المنسوب إلى الصلاح وغيره ودخل
سفيان الثوري الحمام فدخل عليه صبي حسن الوجه فقال أخرجوه عني أخرجوه فإني
أرى مع كل امرأة شيطانا وأرى مع كل صبي حسن بضعة عشر شيطانا وجاء رجل إلى
الإمام أحمد رحمه الله ومعه صبي حسن فقال الإمام ما هذا منك قال ابن أختي
قال لا تجيء به إلينا مرة أخرى ولا تمش معه في طريق لئلا يظن بك من لا
يعرفك ولا يعرفه سوءا وروي أن وفد عبدالقيس لما قدموا على النبي كان فيهم
أمرد حسن فأجلسه النبي خلف ظهره وقال إنما كانت فتنة داود عليه السلام من
النظر وأنشدوا شعرا كل الحوادث مبدؤها من النظر ومعظم النار من مستصغر
الشرر والمرء ما دام ذا عين يقلبها في أعين الغير موقوف على الخطر كم نظرة
فعلت في قلب صاحبها فعل السهام بلا قوس ولا وتر يسر ناظره ما ضر خاطره لا
مرحبا بسرور عاد بالضرر وكان يقال النظر بريد الزنا وفي الحديث النظر سهم
مسموم من سهام إبليس فمن تركه لله أورث الله قلبه حلاوة عبادة يجدها إلى
يوم القيامة فصل في عقوبة من أمكن من نفسه طائعا عن خالد بن الوليد رضي
الله عنه أنه كتب إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه وجد في بعض النواحي
رجلا ينكح في دبره فاستشار أبو بكر الصحابة رضي الله عنهم في أمره فقال علي
بن أبي طالب رضي الله عنه إن هذا ذنب لم يعمله إلا أمة واحدة قوم لوط وقد
أعلمنا الله تعالى بما صنع بهم أرى أن يحرق بالنار فكتب أبو بكر إليه أن
أحرقه بالنار فأحرقه خالد رضي الله عنه وقال علي رضي الله عنه من أمكن من
نفسه طائعا حتى ينكح ألقى الله عليه شهوة النساء وجعله شيطانا رجيما في
قبره إلى يوم القيامة وأجمعت الأمة على أن من فعل بمملوكه فهو لوطي مجرم
ومما روي أن عيسى بن مريم عليه السلام مر في سياحته على نار توقد على رجل
فأخذ عيسى عليه السلام ماء ليطفئ عنه فانقلبت النار صبيا وانقلب الرجل نارا
فتعجب عيسى عليه السلام من ذلك وقال يا رب ردهما إلى حالهما في الدنيا
لأسألهما عن خبرهما فأحياهما الله تعالى فإذا هما رجل وصبي فقال لهما عيسى
عليه السلام ما خبركما فقال الرجل يا روح الله إني كنت في الدنيا مبتلى بحب
هذا الصبي فحملتني الشهوة أن فعلت به الفاحشة فلما أن مت ومات الصبي صير
نارا يحرقني مرة وأصير نارا أحرقه مرة فهذا عذابنا إلى يوم القيامة نعوذ
بالله من عذاب القبر ونسأله العفو والعافية والتوفيق لما يحب ويرضى فصل
ويلتحق باللواط إتيان المرأة في دبرها مما حرمه الله تعالى ورسوله قال الله
عز وجل نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم أي كيف شئتم مقبلين ومدبرين
في صمام واحد أي موضع واحد وسبب نزول هذه الآية أن اليهود في زمن النبي
كانوا يقولون إذا أتى الرجل امرأته من دبرها في قبلها جاء الولد أحول فسأل
أصحاب رسول الله عن ذلك فأنزل الله هذه الآية تكذيبا لهم نساؤكم حرث لكم
فأتوا حرثكم أنى شئتم مجبية أو غير مجبية غير أن ذلك في صمام واحد أخرجه
مسلم وفي رواية اتقوا الدبر والحيضة وقوله في صمام واحد أي في موضع واحد
وهو الفرج لأنه موضع الحرث أي موضع مزرع الولد وأما الدبر فإنه محل النجو
وذلك خبيث مستقذر وقد روى أبو هريرة رضي الله عنه عن رسول الله أنه قال
ملعون من أتى حائضا أو امرأة في دبرها وروى الترمذي عن أبي هريرة رضي الله
عنه أن النبي قال من أتى حائضا أو امرأة في دبرها أو كاهنا فقد كفر بما
أنزل على محمد فمن جامع امرأته وهي حائض أو جامعها في دبرها فهو ملعون
وداخل في هذا الوعيد الشديد وكذا إذا أتى كاهنا وهو المنجم ومن يدعي معرفة
الشيء المسروق ويتكلم على الأمور المغيبات فسأله عن شيء منها فصدقه وكثير
من الجهال واقعون في هذه المعاصي وذلك من قلة معرفتهم وسماعهم للعلم ولذلك
قال أبو الدرداء كن عالما أو متعلما أو مستعلما أو محبا ولا تكن الخامس
فتهلك وهو الذي لا يعلم ولا يتعلم ولا يستمع ولا يحب من يعمل ذلك ويجب على
العبد أن يتوب إلى الله من جميع الذنوب والخطايا ويسأل الله العفو عما مضى
منه في جهله والعافية فيما بقي من عمره اللهم إنا نسألك العفو والعافية في
الدين والدنيا والآخرة إنك أرحم الراحمين
عبد الرحمان سوار الذهب الكويت
شكرأ لك كثير من النخبة المثقفة من طائفتنا
اللتي ظلمت في السابق , ويتم استغلالها من ّاّل الاسد ومخلوف في الحاضر ولا
ننال منهم إلا الفتات .اني اخجل امام اصدقائي السنة مما يجري الان . وأشعر
أني اشارك نظام المخابرات في قمع اهل مدينتي العزيزة اللاذقية و شكراً …
sabri houd
عمري زاد عن اربعين ومؤخرا عرفت الفرق بين
الطوائف، وهذه الفروق هي موجودة حقيقةً، ولكن الانظمة العربية الحقيرة
كنظام بشار الاسد يلونها كيف يشاء، ويمدها ويجزرها بحسب مصالحه وعائلته فقط
وليس مصالح الطائفة العلوية، لأن الطائفة العلوية لا تهمه بشيء… وأنا أعلم
الكثير عن القرى العلوية الفقيرة والمعدمة.
جزاك الله كل الخير محمد
من يحب ويعطى لله وبلا مقابل أظنه لن يشقى أو يتعب من بغض البشر بأى صورة
من الصور
اخي محمد عبد الله
تقبل خالص محبتى وتقديرى
الاستادة سامية الحاجي باكستان
سأل الله العلي القدير ان يجعلنا
متحابين فيه نحن المسلمون
وحب ذات الله اسمى انواع الحب وحب الوالدين يدخل الجنة
شكرا جزيلا اخي محمد عبد الله على تميزك اللافت
تواصل معي عبر الفايس بوك حياك الله
خضراء ليقتش كييف
لي والدة أتشاجر معها أحياناً؛ لأني لا أستطيع
أن أتمالك نفسي، فماذا أفعل؟ أفيدوني أفادكم الله.
الواجب عليك الرفق بالوالدة وحسن المعاملة وعدم المشاجرة، الوالدة حقها
عظيم، وهكذا الأب حقه عظيم، الله يقول جل وعلا في كتابه العظيم في مواضيع
كثيرة: ..وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً.. (83) سورة البقرة، (36) سورة
النساء، (151) سورة الأنعام، (23) سورة الإسراء. ويقول سبحانه: أَنِ
اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (14) سورة لقمان، ويقول
سبحانه: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ
وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ
أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ
تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا*وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ
الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي
صَغِيرًا (23-24) سورة الإسراء، فالواجب على الولد أن يتقي الله وأن يرفق
بوالديه، وألا يشاجرهما، بل يسكت، أو يخاطب بالتي هي أحسن، إذا قال أبوه له
كلام شديد أو سبه يقول: هداك الله، رضي الله عنك، جزاك الله خير، لا يقابل
بالشدة ولا بالكلام السيء حتى ولو سبه أبوه أو أمه يقول: جزاك الله خيراً،
رضي الله عنكِ، هداكِ الله يا والدة، ونحو هذا من الكلام الطيب، لا يقابل
بالسوء أبداً، ولا يجوز له أن يقابل بالسوء ولا مشاجرة ولا رفع الصوت على
أبيه ولا أمه. نسأل الله للجميع الهداية.
غبد العزيز بنباز رحمه الله
للأم على ولدها حقوق كثيرة وكبيرة لا يحصيها
المحصي ولكن نذكر منها :
أ - حبها وتوقيرها في النفس والقلب ما استطاع لأنها أحق الناس بحسن
صحبته
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه
وسلم فقال : يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي ؟ قال : أمك ، قال ثم
من ؟ قال : أمك ، قال : ثم من ؟ قال : أمك ، قال : ثم من ؟ قال : ثم أبوك .
رواه البخاري ( 5626 ) ومسلم ( 2548 ) .
فهي التي جعلت بطنها لك وعاء وثديها لك سقاء ، فحبها لازم ولا بد ،
والفطرة تدعو إليه ، بل إن حب الأولاد لأمهاتهم وحب الأمهات لأولادها فطر
الله عليه البهائم والدواب ، فبنو البشر أولى بذلك والمسلمون أولى بذلك كله
.
ب - الرعاية والقيام على شؤونها إن احتاجت إلى ذلك بل إن هذا ديْن في
عنق ولدها . أليست قد رعته طفلاً صغيراً وسهرت عليه وكانت تصبر على أذاه .
قال تعالى { ووصينا الإنسان بوالديه إحساناً حملته أمه كرهاً ووضعته
كرهاً } ( الأحقاف / 15 ) . بل إن ذلك قد يقدّم على الجهاد إن تعارض معه .
عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال : جاء رجل إلى النبي
صلى الله عليه وسلم فاستأذنه في الجهاد فقال له رسول الله صلى الله عليه
وسلم : أحيٌّ والداك ؟ قال : نعم، قال : ففيهما فجاهد . رواه البخاري (
2842 ) ومسلم ( 2549 ) .
ت -عدم الأذية وإسماعها ما تكره من القول أو الفعل .
قال تعالى : { فلا تقل لهما أفٍ } ( الإسراء / 23 ) .
فإذا كان الله تعالى حرَّم قول أف للوالدين : فكيف بمن يضربهما ؟!! .
ث - النفقة عليها إن أعوزت ولم يكن لها زوج ينفق عليها أو كان زوجها
معسراً بل إن النفقة عليها وإطعامها عند الصالحين أحب إليهم من أن يطعموا
أبناءهم .
عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : خرج ثلاثة
يمشون فأصابهم المطر فدخلوا في غار في جبل فانحطت عليهم صخرة قال فقال
بعضهم لبعض ادعوا الله بأفضل عمل عملتموه فقال أحدهم اللهم إني كان لي
أبوان شيخان كبيران فكنت أخرج فأرعى ثم أجيء فأحلب فأجيء بالحلاب فآتي به
أبوي فيشربان ثم أسقي الصبية وأهلي وامرأتي فاحتبست ليلة فجئت فإذا هما
نائمان قال فكرهت أن أوقظهما والصبية يتضاغون (( يبكون بصوت عالِ )) عند
رجلي فلم يزل ذلك دأبي ودأبهما حتى طلع الفجر اللهم إن كنت تعلم أني فعلت
ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا فرجة نرى منها السماء قال ففرج عنهم …. . رواه
البخاري ( 2102 ) ومسلم ( 2743 ).
ج - الطاعة والائتمار بأمرها إن أمرت بمعروف ، أما إن أمرت بشرٍّ كالشرك
: فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق .
قال تعالى :{ وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما
وصاحبهما في الدنيا معروفاً } ( لقمان / 15 ) .
ح - أما بعد موتها فيسن قضاء ما عليها من كفارات والتصدق عنها والحج أو
الاعتمار عنها.
عن ابن عباس رضي الله عنهما : أن امرأة من جهينة جاءت إلى النبي صلى
الله عليه وسلم فقالت : إن أمي نذرت أن تحج فلم تحج حتى ماتت أفأحج عنها ؟
قال : نعم حجي عنها ، أرأيتِ لو كان على أمك ديْن أكنتِ قاضيته ، اقضوا
الله فالله أحق بالوفاء. رواه البخاري ( 1754 ) .
خ - وكذلك بعد موتها يسنّ برها بصلة من كانت تصله وتحترمه كأقاربها
وأصدقائها .
عن عبد الله بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إِنَّ مِنْ
أَبَرِّ الْبِرِّ صِلَةَ الرَّجُلِ أَهْلَ وُدِّ أَبِيهِ بَعْدَ أَنْ
يُوَلِّيَ . رواه مسلم ( 2552 ) .
أما الواجبات على الأم فهي كثيرة أيضا نذكر منها:
أ - القيام على شأنك وأنت طفل وإرضاعك وحضانتك وهذا معلوم من فطرة الناس
وهو متواتر عنهم من بدء الخليقة .
قال تعالى { والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم
الرضاعة ….. } (البقرة / 233 ) .
ب - أن تربيك تربيةً صالحةً وهي مسؤولة عنك يوم القيامة أمام الله لأنك
من رعيتها وهي راعيتك .
عن عبد الله بن عمر يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته الإمام راع ومسؤول عن رعيته والرجل راع في
أهله وهو مسؤول عن رعيته والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها
والخادم راع في مال سيده ومسؤول عن رعيته قال وحسبت أن قد قال والرجل راع
في مال أبيه ومسؤول عن رعيته وكلكم راع ومسؤول عن رعيته. رواه البخاري (
853 ) ومسلم ( 1829 ) .
ما يحل صنعه دون تدخل الأم:
: ليس لها الحق في اختيار ما تحب من المباحات التي لا سلطة لها عليك بها
كالطعام والشراب والملبس والمركب ونحو ذلك .
وكذلك باختيارك الزوجة التي تريد ـ إن كانت صالحة ـ ما دام أنك لم تعصِ
الله في ذلك كله ، ومع ذلك فيُشرع لك أن ترضيها حتى في اختيار الزوجة إذا
أشارت عليك بأمر ليس فيه ضرر عليك .
وأما التدخل في شؤونك من جهة خروجك ودخولك المنزل أو السهر في الليل مع
الرفقة الذين تصحبهم : فيجب على الوالدين كليهما أن يراقبا أولادهما في ذلك
ليضبطوا الأمر ولا يضيع الأولاد مع رفقة السوء ، فإن أكثر ما سبّب للشباب
الفساد رفقة السوء ، وفي هذا يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : الرجل على
دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل . رواه الترمذي ( 2387 ) وأبو داود ( 4833
) .
والحديث حسَّنه الترمذي وصححه النووي كما في تحفة الأحوذي ( 7 / 42 ) .
وكذلك يراقبان ولدهما في وقت رجوعه إلى البيت وإلى أين يخرج لأنه لا
يجوز لهما أن يتركا الحبل على غاربه للولد خصوصا إذا لم يكن صاحب استقامة .
وينبغي عليك أن تراعي منزلتهما وتوقيرهما وأخذهما بالصحبة الحسنة حتى
وإن ضيقا عليك فيما أباح الله لك ، فإنه أمرنا أن نصحب آباءنا بالصحبة
الحسنة حتى ولو كانوا كفاراً يدعوننا إلى الشرك فكيف وهما لا يدعوننا إلا
إلى شيء يظنان كل الظن أن الخير لنا فيه وإن كان في بعض ما يأمران به تضييق
عليك في بعض ما يباح لك . فالأحسن أن تطيعهما وأن تصنع ما يريدان وتنزل
عند رغبتها وإن كان لا يجب عليك ولكن من باب التضحية والإيثار فإنهما أحق
من يحسن إليهما وقد جعل الله تعالى طاعة الوالدين بعد عبادته مباشرة كما
ذكر في كتابه وذلك بيانا لمنزلة بر الوالدين .
تدخل الأب:
يكون للأب القرار الأخير في كل ما هو داخل في مسئوليته تجاهك فهو الذي
يقرر مثلا في أيّ مدرسة يدرس ولده الذي تحت نفقته وكذلك يكون للأب القرار
في كل تصرّف يتعلّق بملكه مثل استعمالك لسيارته وأخذك من ماله وهكذا .
وأما الولد الكبير المستقل بنفسه ونفقته فإنّه يقرر لنفسه ما يريد مما
أباحه الله ويُشرع له إرضاء أبيه ما لم يتعارض ذلك مع طاعة الله وعلى الولد
أن يستمر في توقير أبيه مهما بلغ الولد من العمر وذلك من باب البر وحسن
العشرة ، فقد روي عن ابن عمر أنه قال : ما رقيت سطح منزل أبي تحته .
وكذلك إذا أمر الأب ولده بمعروف أو بترك المباح فيُطاع ما لم يكن ضرر
على الولد .
علاج الخلاف:
أما كيف تخبر أمك برغبتك في مزيد من الحرية فإنّ ذلك يكون بالقول والعمل
.
أ - أما العمل : فيكون بعد أن تثبت عملا وواقعا لأمك بأنك لم تعد الصبي
الذي تعهد وأنك أصبحت رجلاً قادراً على تحمل المسئولية وتتصرف أمامها تصرف
الرجال في مواقفك فإن هي رأت منك ذلك مرارا فستثق بك وسيستقيم أمرك عندها
ويكبر مقامك في نفس أمك .
ب - أما القول : فيكون بالحجة الواضحة والمناقشة الهادئة والقول اللين
وضرب الأمثلة على مواقفك السليمة الصحيحة ، ولعل الله تعالى أن يشرح صدرها
لتعاملك معاملة الرجل البالغ العاقل الراشد السوي ما دمت كذلك .
المرأة والدعوة إلي الله عز وجل
ما رأيكم في المرأة والدعوة إلى الله عز وجل؟
المرأة كالرجل عليها واجبها في الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي
عن المنكر، والأدلة من القرآن والسنة تعم الجميع إلا ما خصه الدليل، وكلام
أهل العلم واضح في ذلك، ومن أدلة القرآن في ذلك قوله تعالى:
وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ
يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ[1]، وقوله عز
وجل: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ
بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ[2].
فعليها أن تدعو إلى الله بالآداب الشرعية التي تطلب من الرجل، وعليها مع
ذلك الصبر والاحتساب لقول الله سبحانه: وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ
الصَّابِرِينَ[3]، وقوله تعالى عن لقمان الحكيم أنه قال لابنه: يَا بُنَيَّ
أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ
وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ[4] ثم
عليها أيضا أن تراعي أمرا آخر وهو: أن تكون مثالا في العفة والحجاب والعمل
الصالح، وأن تبتعد عن التبرج والاختلاط بالرجال المنهي عنه - حتى تكون
دعوتها بالقول والعمل عن كل ما حرم الله عليها.
[1] سورة التوبة الآية 71.
[2] سورة آل عمران الآية 110.
[3] سورة الأنفال الآية 46.
[4] سورة لقمان الآية
الباز
أبريل 20th, 2012 at 11:15 ص
أبريل 20th, 2012 at 11:17 ص
فإن الله عز وجل قرن حق الوالدين بحقه في آيات كثيرة، مثل قوله عز وجل: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا}[1]، وقوله عز وجل: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا}[2]، وقوله سبحانه: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ}[3]، والآيات في هذا المعنى كثيرة، وهذه الآيات تدل على وجوب برهما، والإحسان إليهما وشكرهما على إحسانهما إلى الولد من حين وجد في بطن أمه إلى أن استقل بنفسه وعرف مصالحه، وبرهما يشمل الإنفاق عليهما عند الحاجة، والسمع والطاعة لهما في المعروف، وخفض الجناح لهما، وعدم رفع الصوت عليهما، ومخاطبتهما بالكلام الطيب والأسلوب الحسن، كما قال الله عز وجل في سورة بني إسرائيل: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّي ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا}[4]، وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل: ((أي العمل أفضل؟ قال: الصلاة على وقتها، قيل: ثم أي؟ قال: بر الوالدين، قيل: ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله))، وقال صلى الله عليه وسلم: ((رضا الله في رضا الوالدين، وسخط الله في سخط الوالدين)) خرجه الترمذي، وصححه ابن حبان والحاكم، من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما. والأحاديث في وجوب برهما والإحسان إليهما كثيرة جداً
أبريل 20th, 2012 at 11:18 ص
أبريل 20th, 2012 at 11:19 ص
وغفر الله ذنبك
ولك مني جزيل الشكر
تركي
أبريل 20th, 2012 at 11:21 ص
omar bengo
أبريل 20th, 2012 at 11:24 ص
أنواع البر:
أنواع بر الوالدين كثيرة بحسب الحال وحسب الحاجة ومنها:
1 - فعل الخير وإتمام الصلة وحسن الصحبة، وهو في حق الوالدين من أوجب الواجبات. وقد جاء الإحسان في الآيات السابقة بصيغة التنكير مما يدل على أنه عام يشمل الإحسان في القول والعمل والأخذ والعطاء والأمر والنهي، وهو عام مطلق يدخل تحته ما يرضي الإبن وما لا يرضيه إلا أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
2 - لا ينبغي للإبن أن يتضجر منهما ولو بكلمة أف بل يجب الخضوع لأمرهما، وخفض الجناح لهما، ومعاملتها باللطف والتوقير وعدم الترفع عليهما.
3 - عدم رفع الصوت عليهما أو مقاطعتهما في الكلام، وعدم مجادلتهما والكذب عليهما، وعدم إزعاجهما إذا كانا نائمين، وإشعارهما بالذل لهما، وتقديمهما في الكلام والمشي إحتراماً لهما وإجلالاً لقدرهما.
4 - شكرهما الذي جاء مقروناً بشكر الله والدعاء لهما لقوله تعالى: وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً [الإسراء:24]. وأن يؤثرهما على رضا نفسه وزوجته وأولاده.
5 - اختصاص الأم بمزيد من البر لحاجتها وضعفها وسهرها وتعبها في الحمل والولادة والرضاعة. والبر يكون بمعنى حسن الصحبة والعشرة وبمعنى الطاعة والصلة لقوله تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ [لقمان:14]، ولحديث: { إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات } [متفق عليه] الحديث.
6 - الإحسان إليهما وتقديم أمرهما وطلبهما، ومجاهدة النفس برضاهما حتى وإن كانا غير مسلمين لقوله تعالى: وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً [لقمان:15].
7 - رعايتهما وخاصة عند الكبر وملاطفتهما وإدخال السرور عليهما وحفظهما من كل سوء. وأن يقدم لهما كل ما يرغبان فيه ويحتاجان إليه.
8 - الإنفاق عليهما عند الحاجة، قال تعالى: قُلْ مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ [البقرة:215]، وتعتبر الخالة بمنزلة الأم لحديث: { الخالة بمنزلة الأم } [رواه الترمذي وقال حديث صحيح].
9 - استئذانهما قبل السفر وأخذ موافقتهما إلا في حج فرض قال القرطبي رحمه الله: ( من الإحسان إليهما والبر بهما إذا لم يتعين الجهاد ألا يجاهد إلا بإذنهما).
10 - الدعاء لهما بعد موتهما وبر صديقهما وإنفاذ وصيتهما.
فضل بر الوالدين:
دلت نصوص شرعية على فضل بر الوالدين وكونه مفتاح الخير منها:
1 - أنه سبب لدخول الجنة: فعن أبي هريرة عن النبي قال: { رغم أنفه، رغم أنفه، رغم أنفه }، قيل: من يا رسول الله؟ قال: { من أدرك والديه عند الكبر أحدهما أو كليهما ثم لم يدخل الجنة } [رواه مسلم والترمذي].
2 - كونه من أحب الأعمال إلى الله: عن أبي عبدالرحمن عبدالله بن مسعود قال: سألت النبي أي العمل أحب إلى الله؟ قال: { الصلاة على وقتها }. قلت: ثم أي؟ قال: { بر الوالدين }. قلت: ثم أي؟ قال: { الجهاد في سبيل الله } [متفق عليه].
3 - إن بر الوالدين مقدم على الجهاد في سبيل الله عز وجل: عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: ( أقبل رجل إلى النبي فقال أبايعك على الهجرة والجهاد أبتغي الأجر من الله تعالى، فقال : { هل من والديك أحد حي؟ } قال: نعم بل كلاهما. قال: { فتبتغي الأجر من الله تعالى؟ } قال: نعم. قال: { فارجع فأحسن صحبتهما } ) [متفق عليه] وهذا لفظ مسلم وفي رواية لهما: { جاء رجل فاستأذنه في الجهاد، فقال: أحي والداك؟ قال: نعم. قال: ففيهما فجاهد }.
4 - رضا الرب في رضا الوالدين: عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن النبي قال: { رضا الرب في رضا الوالدين، وسخط الرب في سخط الوالدين } [رواه الترمذي وصححه إبن حبان والحاكم].
5 - في البر منجاة من مصائب الدنيا بل هو سبب تفريج الكروب وذهاب الهم والحزن كما ورد في شأن نجاة أصحاب الغار، وكان أحدهم باراً بوالديه يقدمهما على زوجته وأولاده.
التحذير من العقوق:
وعكس البر العقوق، ونتيجته وخيمة لحديث أبي محمد جبير بن مطعم أن رسول الله قال: { لا يدخل الجنة قاطع }. قال سفيان في روايته: ( يعني قاطع رحم ) [رواه البخاري ومسلم] والعقوق: هو العق والقطع، وهو من الكبائر بل كما وصفه الرسول من أكبر الكبائر وفي الحديث المتفق عليه: { ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قلنا بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين. وكان متكئاً وجلس فقال: ألا وقول الزور وشهادة الزور، فما زال يرددها حتى قلنا ليته سكت }. والعق لغة: هو المخالفة، وضابطه عند العلماء أن يفعل مع والديه ما يتأذيان منه تأذياً ليس بالهيّن عُرفاً. وفي المحلى لابن حزم وشرح مسلم للنووي: ( اتفق أهل العلم على أن بر الوالدين فرض، وعلى أن عقوقهما من الكبائر، وذلك بالإجماع ) وعن أبي بكرة عن النبي قال: { كل الذنوب يؤخر الله تعالى ما شاء منها إلى يوم القيامة إلا عقوق الوالدين، فإن الله يعجله لصاحبه في الحياة قبل الموت } رواه الطبراني في الكبير والحاكم في المستدرك وصححاه].
البر بعد الموت:
وبر الوالدين لا يقتصر على فترة حياتهما بل يمتد إلى ما بعد مماتهما ويتسع ليشمل ذوي الأرحام وأصدقاء الوالدين؛ { جاء رجل من بني سلمة فقال: يا رسول الله. هل بقي من بر أبواي شيء أبرهما بعد موتهما؟ قال: نعم، الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما بعدهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما، وإكرام صديقهما } [رواه أبو داود والبيهقي].
ويمكن الحصول على البر بعد الموت بالدعاء لهما. قال الإمام أحمد: ( من دعا لهما في التحيات في الصلوات الخمس فقد برهما. ومن الأفضل: أن يتصدق الصدقة ويحتسب نصف أجرها لوالديه ).
أحكام شرعية خاصة بالوالدين:
لا حد على الوالدين في قصاص أو قطع أو قذف. وللأب أن يأخذ من مال ولده إذا احتاج بشرط أن لا يجحف به، ولا يأخذ شيئاً تعلقت به حاجته. ولا يأخذ من مال ولده فيعطيه الولد الآخر [المغني:6/522]، وإذا تعارض حق الأب وحق الأم فحق الأم مقدم لحديث: { أمك ثم أمك ثم أمك ثم أباك } [رواه الشيخان]، والمرأة إذا تزوجت فحق زوجها مقدم على حق والديها.
وقال في المقنع: ( وليس للإبن مطالبة أبيه بدين، ولا قيمة متلف، ولا أرش جناية ) قلت: وعلى الوالدين أن لا ينسيا دورهما في إعانة الولد على برهما، وذلك بالرفق به، والإحسان إليه، والتسوية بين الأولاد في المعاملة والعطاء. والله أعلم.
عبدالرحمن بن عبدالكريم العبيد
أبريل 20th, 2012 at 11:27 ص
وفي حال وجب على الولد طاعة والديه فيما ينهيانه عنه فإنه إذا خالفهما كان آثما، ويعظم الإثم كلما اشتد تأذي الوالدين من مخالفة الولد لهما، قال الهيتمي: .. كَمَا يُعْلَمُ مِنْ ضَابِطِ الْعُقُوقِ الَّذِي هُوَ كَبِيرَةٌ، وَهُوَ أَنْ يَحْصُلَ مِنْهُ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا إيذَاءٌ لَيْسَ بِالْهَيِّنِ أَيْ عُرْفًا، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْمُتَأَذِّي. اهـ
وعقوق الوالدين من الكبائر، ففي الصحيح عن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَلاَ أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الكَبَائِرِ ثَلاَثًا؟ قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ ـ وَجَلَسَ وَكَانَ مُتَّكِئًا ـ فَقَالَ: أَلاَ وَقَوْلُ الزُّورِ.
ومن عقوبات العقوق سخط الله على العاق، ففي الأدب المفرد للبخاري عن عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنه ـ قَالَ: رِضَا الرَّبِّ فِي رِضَا الْوَالِدِ، وَسَخَطُ الرب في سخط الوالد.
ومنها أن تعجل له العقوبة في الدنيا، قال البخاري في الأدب المفرد: باب عقوبة عقوق الوالدين: عن أبي بكرة ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَا مِنْ ذَنْبٍ أَجْدَرُ أَنْ يُعَجَّلَ لِصَاحِبِهِ الْعُقُوبَةُ مَعَ مَا يُدَّخَرُ له من البغى وقطيعة الرحم.
ومنها أنه قد يكون سببا لعقوق أولاده له، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ولهذا يقال: عفوا تعف نساؤكم وأبناؤكم، وبروا آباءكم تبركم أبناؤكم ـ فإن الجزاء من جنس العمل، وكما تدين تدان، ومن عقوبة السيئة السيئة بعدها. اهـ
مع التنبيه إلى أن العاصي يوم القيامة يكون تحت المشيئة فإن شاء الله عاقبه وإن شاء عفا عنه، كما أن التوبة تمحو ما قبلها والتائب من الذنب كمن لا ذنب له.
والله أعلم.
أبريل 20th, 2012 at 11:30 ص
السؤال:
سؤالي يتعلق بأحد الشباب الصغار من المسلمين . هو ما شاء الله شاب جاد مخلص وعلى علم ملتزم بتعاليم الإسلام وبسنة النبي صلى الله عليه وسلم ويحاول بكل جهده اتباع العقيدة الصحيحة . إنه يعيش بمفرده مع أمه المطلقة والتي لا تتبع الإسلام بالكلية وتنهمك في الكثير من الأعمال التي لا تتفق مع الإسلام في شيء …أنا على صلة بالشاب وأمه وهما على تراحم وتواد لكني أرى أن الشاب أحيانا يضيق بتصرفات أمه التي تضعه في مواقف حرجة وأنا لا أستطيع تقديم النصح له بصورة صحيحة .وفيما يلي بعض الأمثلة لهذه المواقف مثل خروج الأم من المنزل لمدة قصيرة فيشعر الابن بالخزي من ذلك لكنه يسير معها خوفا عليها من أن يبادرها أحدا بالكلام ، ….الأم كثيرة التعرف على الرجال من الجنس الآخر على الطريقة الغربية ، وهي كثيرة الذهاب إلى دعوات العشاء وتجلس على الطاولة التي غالبا ما تكون ممتلئة بالخمر الذي يحتسيه رفاقها وصديقاتها لكنها لا تشرب الخمر على الإطلاق وهناك العديد والعديد من الموضوعات التي يمارسها أصدقاء الأم مثل البدع ويحاول الابن باستمرار دعوة الأم وتوضيح الأمور لها لكنها دائما ما تتهمه بالتعصب والمغالاة أو أنه من العصر الحجري . أرجو تقديم النصيحة لصديقي الذي لم يصاحب أحدا غيري فهو يشعر انه ديوث ويود أن يعرف هل بقاءه مع والدته وهي على هذا النحو من السلوكيات يعد أمرا صحيحا وهو يخشى عليها من أن يتحرش بها أحد من الغرباء نظرا لأنها ترتدي الملابس القصيرة غير الإسلامية وهو لم يخبرني بهذه الأشياء كما أنه لم يفش أسرار الأسرة لكن الأمر بات واضحا لي ولمن حوله . الرجاء المساعدة جزاك الله تعالى خير الجزاء .
الجواب:
الحمد لله
لا شكّ أنّ القصّة المذكورة مؤلمة ومؤثّرة وخصوصا عندما يُصاب الإنسان بمصيبة الدّين في أقرب النّاس إليه ويُؤذى أيضا ، ولكن حسبنا الله ونعم الوكيل وإنا لله وإنا إليه راجعون ولْيعلم هذا الأخ أنّ بر الوالدين من أوجب الواجبات التي تجب للبشر على البشر لقول الله تعالى { ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا } فأمر بمصاحبة هذين الوالدين المشركين اللذين يبذلان الجهد في أمر ولدهما بالشرك ومع ذلك أمر الله أن يصاحبهما في الدنيا معروفا ، وإذا كان كذلك فالواجب عليك نحو والدتك أن تنصحها بالكفّ عن هذه المعاصي وأن تبيّن لها ما في فعلها من الإثم والعقاب فإن استجابت فالحمد لله ، وإلا فاهجرها هجراً جميلاً ولا تخالطها مخالطةً تضرك في دينك ولا تؤذيها بل صاحبها في الدنيا بالمعروف وتابع نصيحتها بين الحين والأخر ، وهجرك إياها لا يضرك لأنك إنما فعلته غيرةً لله وإنكاراً للمنكر .
أنظر إجابة الشيخ محمد بن عثيمين في فتاوى إسلامية (4/196) واللجنة الدائمة في فتاوى إسلامية (4/204) والشيخ عبد الله بن جبرين في فتاوى المرأة المسلمة (2/957)
وخلاصة القول في مسألة مساكنتك لها أنّه إذا سُكناك معها سيُفيدها في زيادة دين أو إيمان أو التزام بواجب أو بُعد عن محرّم أو التّخفيف منه على الأقل من خلال شعورها بشيء من الرّقابة مثلا أو ردّ أهل السوء عنها وصرفهم ، ولم يكن في هذه المخالطة ضرر عليك ، فابق معها محتسبا الأجر في كلّ ما تقدّم والله يُثيبك على صبرك ، وإن كنت قد أعيتك المحاولة ولم تجد فائدة في إحراز أيّ تقدّم في أيّ مجال مما تقدّم ذكره وكانت المُخالطة لها تسبب ضررا عليك في دينك أو سُمعتك فلا عليك من حرج في هجرها كما تقدّم مع الاستمرار في تفقّدها وقضاء حاجاتها ونصحها بين الفَينة والأخرى ، ونسأل الله أن يرزقك الصّبر ويأجرك على جهدك وهو نِعم المولى ونِعم النّصير .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
أبريل 21st, 2012 at 12:53 م
الله يرحمك ووالديك
وناسة بن جديدة السنغال
أبريل 21st, 2012 at 12:55 م
اخي المخلص محمد عبد الله اشكرك جزيل الشكر
karim lile
أبريل 21st, 2012 at 1:20 م
nassira bardja alger
أبريل 21st, 2012 at 3:26 م
عبد الرحمان سوار الذهب الكويت
أبريل 21st, 2012 at 3:28 م
kahina bab el oued
gegneco
أبريل 21st, 2012 at 3:29 م
sabri houd
أبريل 21st, 2012 at 3:31 م
أبريل 21st, 2012 at 5:09 م
ريم صفاقص
أبريل 22nd, 2012 at 2:44 م
شكرا اخي محمد عبد الله غلى الادراج بارك الله فيك
احبك في الله ياعبد الله
عمر التلمسانيط شنقيط
أبريل 22nd, 2012 at 2:46 م
ترمى بصخر فتؤتى أطيب الثمرات
غاذة السمان محمد لندن
أبريل 22nd, 2012 at 2:46 م
من يحب ويعطى لله وبلا مقابل أظنه لن يشقى أو يتعب من بغض البشر بأى صورة من الصور
اخي محمد عبد الله
تقبل خالص محبتى وتقديرى
الاستادة سامية الحاجي باكستان
أبريل 22nd, 2012 at 2:47 م
متحابين فيه نحن المسلمون
وحب ذات الله اسمى انواع الحب وحب الوالدين يدخل الجنة
شكرا جزيلا اخي محمد عبد الله على تميزك اللافت
تواصل معي عبر الفايس بوك حياك الله
خضراء ليقتش كييف
أبريل 22nd, 2012 at 2:48 م
عبد العزيز محمد مالي
أبريل 22nd, 2012 at 2:50 م
حسبنا الله عليهم.. وبس
أبريل 22nd, 2012 at 2:50 م
محمد العصيمي
أبريل 24th, 2012 at 9:16 م
الواجب عليك الرفق بالوالدة وحسن المعاملة وعدم المشاجرة، الوالدة حقها عظيم، وهكذا الأب حقه عظيم، الله يقول جل وعلا في كتابه العظيم في مواضيع كثيرة: ..وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً.. (83) سورة البقرة، (36) سورة النساء، (151) سورة الأنعام، (23) سورة الإسراء. ويقول سبحانه: أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (14) سورة لقمان، ويقول سبحانه: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا*وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (23-24) سورة الإسراء، فالواجب على الولد أن يتقي الله وأن يرفق بوالديه، وألا يشاجرهما، بل يسكت، أو يخاطب بالتي هي أحسن، إذا قال أبوه له كلام شديد أو سبه يقول: هداك الله، رضي الله عنك، جزاك الله خير، لا يقابل بالشدة ولا بالكلام السيء حتى ولو سبه أبوه أو أمه يقول: جزاك الله خيراً، رضي الله عنكِ، هداكِ الله يا والدة، ونحو هذا من الكلام الطيب، لا يقابل بالسوء أبداً، ولا يجوز له أن يقابل بالسوء ولا مشاجرة ولا رفع الصوت على أبيه ولا أمه. نسأل الله للجميع الهداية.
غبد العزيز بنباز رحمه الله
أبريل 24th, 2012 at 9:18 م
أ - حبها وتوقيرها في النفس والقلب ما استطاع لأنها أحق الناس بحسن صحبته
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي ؟ قال : أمك ، قال ثم من ؟ قال : أمك ، قال : ثم من ؟ قال : أمك ، قال : ثم من ؟ قال : ثم أبوك . رواه البخاري ( 5626 ) ومسلم ( 2548 ) .
فهي التي جعلت بطنها لك وعاء وثديها لك سقاء ، فحبها لازم ولا بد ، والفطرة تدعو إليه ، بل إن حب الأولاد لأمهاتهم وحب الأمهات لأولادها فطر الله عليه البهائم والدواب ، فبنو البشر أولى بذلك والمسلمون أولى بذلك كله .
ب - الرعاية والقيام على شؤونها إن احتاجت إلى ذلك بل إن هذا ديْن في عنق ولدها . أليست قد رعته طفلاً صغيراً وسهرت عليه وكانت تصبر على أذاه .
قال تعالى { ووصينا الإنسان بوالديه إحساناً حملته أمه كرهاً ووضعته كرهاً } ( الأحقاف / 15 ) . بل إن ذلك قد يقدّم على الجهاد إن تعارض معه .
عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاستأذنه في الجهاد فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : أحيٌّ والداك ؟ قال : نعم، قال : ففيهما فجاهد . رواه البخاري ( 2842 ) ومسلم ( 2549 ) .
ت -عدم الأذية وإسماعها ما تكره من القول أو الفعل .
قال تعالى : { فلا تقل لهما أفٍ } ( الإسراء / 23 ) .
فإذا كان الله تعالى حرَّم قول أف للوالدين : فكيف بمن يضربهما ؟!! .
ث - النفقة عليها إن أعوزت ولم يكن لها زوج ينفق عليها أو كان زوجها معسراً بل إن النفقة عليها وإطعامها عند الصالحين أحب إليهم من أن يطعموا أبناءهم .
عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : خرج ثلاثة يمشون فأصابهم المطر فدخلوا في غار في جبل فانحطت عليهم صخرة قال فقال بعضهم لبعض ادعوا الله بأفضل عمل عملتموه فقال أحدهم اللهم إني كان لي أبوان شيخان كبيران فكنت أخرج فأرعى ثم أجيء فأحلب فأجيء بالحلاب فآتي به أبوي فيشربان ثم أسقي الصبية وأهلي وامرأتي فاحتبست ليلة فجئت فإذا هما نائمان قال فكرهت أن أوقظهما والصبية يتضاغون (( يبكون بصوت عالِ )) عند رجلي فلم يزل ذلك دأبي ودأبهما حتى طلع الفجر اللهم إن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا فرجة نرى منها السماء قال ففرج عنهم …. . رواه البخاري ( 2102 ) ومسلم ( 2743 ).
ج - الطاعة والائتمار بأمرها إن أمرت بمعروف ، أما إن أمرت بشرٍّ كالشرك : فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق .
قال تعالى :{ وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً } ( لقمان / 15 ) .
ح - أما بعد موتها فيسن قضاء ما عليها من كفارات والتصدق عنها والحج أو الاعتمار عنها.
عن ابن عباس رضي الله عنهما : أن امرأة من جهينة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : إن أمي نذرت أن تحج فلم تحج حتى ماتت أفأحج عنها ؟ قال : نعم حجي عنها ، أرأيتِ لو كان على أمك ديْن أكنتِ قاضيته ، اقضوا الله فالله أحق بالوفاء. رواه البخاري ( 1754 ) .
خ - وكذلك بعد موتها يسنّ برها بصلة من كانت تصله وتحترمه كأقاربها وأصدقائها .
عن عبد الله بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إِنَّ مِنْ أَبَرِّ الْبِرِّ صِلَةَ الرَّجُلِ أَهْلَ وُدِّ أَبِيهِ بَعْدَ أَنْ يُوَلِّيَ . رواه مسلم ( 2552 ) .
أما الواجبات على الأم فهي كثيرة أيضا نذكر منها:
أ - القيام على شأنك وأنت طفل وإرضاعك وحضانتك وهذا معلوم من فطرة الناس وهو متواتر عنهم من بدء الخليقة .
قال تعالى { والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة ….. } (البقرة / 233 ) .
ب - أن تربيك تربيةً صالحةً وهي مسؤولة عنك يوم القيامة أمام الله لأنك من رعيتها وهي راعيتك .
عن عبد الله بن عمر يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته الإمام راع ومسؤول عن رعيته والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها والخادم راع في مال سيده ومسؤول عن رعيته قال وحسبت أن قد قال والرجل راع في مال أبيه ومسؤول عن رعيته وكلكم راع ومسؤول عن رعيته. رواه البخاري ( 853 ) ومسلم ( 1829 ) .
ما يحل صنعه دون تدخل الأم:
: ليس لها الحق في اختيار ما تحب من المباحات التي لا سلطة لها عليك بها كالطعام والشراب والملبس والمركب ونحو ذلك .
وكذلك باختيارك الزوجة التي تريد ـ إن كانت صالحة ـ ما دام أنك لم تعصِ الله في ذلك كله ، ومع ذلك فيُشرع لك أن ترضيها حتى في اختيار الزوجة إذا أشارت عليك بأمر ليس فيه ضرر عليك .
وأما التدخل في شؤونك من جهة خروجك ودخولك المنزل أو السهر في الليل مع الرفقة الذين تصحبهم : فيجب على الوالدين كليهما أن يراقبا أولادهما في ذلك ليضبطوا الأمر ولا يضيع الأولاد مع رفقة السوء ، فإن أكثر ما سبّب للشباب الفساد رفقة السوء ، وفي هذا يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل . رواه الترمذي ( 2387 ) وأبو داود ( 4833 ) .
والحديث حسَّنه الترمذي وصححه النووي كما في تحفة الأحوذي ( 7 / 42 ) .
وكذلك يراقبان ولدهما في وقت رجوعه إلى البيت وإلى أين يخرج لأنه لا يجوز لهما أن يتركا الحبل على غاربه للولد خصوصا إذا لم يكن صاحب استقامة .
وينبغي عليك أن تراعي منزلتهما وتوقيرهما وأخذهما بالصحبة الحسنة حتى وإن ضيقا عليك فيما أباح الله لك ، فإنه أمرنا أن نصحب آباءنا بالصحبة الحسنة حتى ولو كانوا كفاراً يدعوننا إلى الشرك فكيف وهما لا يدعوننا إلا إلى شيء يظنان كل الظن أن الخير لنا فيه وإن كان في بعض ما يأمران به تضييق عليك في بعض ما يباح لك . فالأحسن أن تطيعهما وأن تصنع ما يريدان وتنزل عند رغبتها وإن كان لا يجب عليك ولكن من باب التضحية والإيثار فإنهما أحق من يحسن إليهما وقد جعل الله تعالى طاعة الوالدين بعد عبادته مباشرة كما ذكر في كتابه وذلك بيانا لمنزلة بر الوالدين .
تدخل الأب:
يكون للأب القرار الأخير في كل ما هو داخل في مسئوليته تجاهك فهو الذي يقرر مثلا في أيّ مدرسة يدرس ولده الذي تحت نفقته وكذلك يكون للأب القرار في كل تصرّف يتعلّق بملكه مثل استعمالك لسيارته وأخذك من ماله وهكذا .
وأما الولد الكبير المستقل بنفسه ونفقته فإنّه يقرر لنفسه ما يريد مما أباحه الله ويُشرع له إرضاء أبيه ما لم يتعارض ذلك مع طاعة الله وعلى الولد أن يستمر في توقير أبيه مهما بلغ الولد من العمر وذلك من باب البر وحسن العشرة ، فقد روي عن ابن عمر أنه قال : ما رقيت سطح منزل أبي تحته .
وكذلك إذا أمر الأب ولده بمعروف أو بترك المباح فيُطاع ما لم يكن ضرر على الولد .
علاج الخلاف:
أما كيف تخبر أمك برغبتك في مزيد من الحرية فإنّ ذلك يكون بالقول والعمل .
أ - أما العمل : فيكون بعد أن تثبت عملا وواقعا لأمك بأنك لم تعد الصبي الذي تعهد وأنك أصبحت رجلاً قادراً على تحمل المسئولية وتتصرف أمامها تصرف الرجال في مواقفك فإن هي رأت منك ذلك مرارا فستثق بك وسيستقيم أمرك عندها ويكبر مقامك في نفس أمك .
ب - أما القول : فيكون بالحجة الواضحة والمناقشة الهادئة والقول اللين وضرب الأمثلة على مواقفك السليمة الصحيحة ، ولعل الله تعالى أن يشرح صدرها لتعاملك معاملة الرجل البالغ العاقل الراشد السوي ما دمت كذلك .
أبريل 24th, 2012 at 9:40 م
ما رأيكم في المرأة والدعوة إلى الله عز وجل؟
المرأة كالرجل عليها واجبها في الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والأدلة من القرآن والسنة تعم الجميع إلا ما خصه الدليل، وكلام أهل العلم واضح في ذلك، ومن أدلة القرآن في ذلك قوله تعالى: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ[1]، وقوله عز وجل: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ[2].
فعليها أن تدعو إلى الله بالآداب الشرعية التي تطلب من الرجل، وعليها مع ذلك الصبر والاحتساب لقول الله سبحانه: وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ[3]، وقوله تعالى عن لقمان الحكيم أنه قال لابنه: يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ[4] ثم عليها أيضا أن تراعي أمرا آخر وهو: أن تكون مثالا في العفة والحجاب والعمل الصالح، وأن تبتعد عن التبرج والاختلاط بالرجال المنهي عنه - حتى تكون دعوتها بالقول والعمل عن كل ما حرم الله عليها.
[1] سورة التوبة الآية 71.
[2] سورة آل عمران الآية 110.
[3] سورة الأنفال الآية 46.
[4] سورة لقمان الآية
الباز