المدير
العام للأمن الوطني صرح منذ أيام بأن كل فتاة جزائرية ترغب في
الانضمام إلى صفوف الشرطة، عليها أن تتخلى عن الحجاب إن كانت ترتديه.
التصريح لم تنقله وسائل الإعلام الجزائرية وحدها و إنما تناقلته صحف و
وكالات أنباء أجنبية لا حصر لها. المعروف عالميا أن الخبر لا يُتداول دوليا
إلا إذا اكتسى أهمية أو تضمن حادثة تشذ عن القاعدة أو واقعة غريبة... أو
ببساطة سبق صحفي. " السكوب" في ما قاله السيد علي تونسي هو الحجاب...
الحجاب ليس مسموحا به لكل فتاة جزائرية تريد العمل في سلك الشرطة.
حقيقة أننا لم نألف رؤية شرطيات جزائريات يقمن بمهامهن و هن مرتديات للحجاب أو يغطين رؤوسهن بالخمار، و ربما وّجد من بيننا من تساءل ذات يوم: لماذا لا نرى في بلادنا أبدا شرطيات محجبات ؟! الأمر أصبح واقعا مألوفا عندنا، و لكن ما أن تأكد هذا الواقع على لسان المسؤول الأول لجهاز الشرطة، حتى شعر البعض بالصدمة.
نعم ! هناك من صدمه كلام المدير العام للأمن الوطني، و إن كانوا كثيرين هم الذين لم يتجرؤوا على التعبير عن صدمتهم، ربما لأن الأمر يتعلق بالمدير العام للأمن الوطني ؟!
لكن بعيدا عن منطق الصدمة، لنتساءل أولا: لماذا لا يمكن لامرأة جزائرية أن تكون شرطية تمارس مهامها و هي محجبة ؟ مبدئيا و حسب ما قيل أن الحجاب يعوق عمل المرأة الشرطية . و لكن هذا مبرر وحده لا يكفي لأننا عندما نعرف أن في بريطانيا و هي بلد غير مسلم توجد شرطيات يقمن بواجبهن و هن محجبات و لو أن الحجاب في حالتهن مجسد في الخمار، فإننا لا نجد بدّا من التساؤل مرة أخرى إن كانت بريطانيا أكثر مراعاة لخصوصيات المرأة المسلمة المتدينة من البلدان العربية و من ضمن هذه البلدان الجزائر ؟! كيف أن الحجاب لم يعق عمل الشرطية في لندن، و يعيقها عندما ترتديه بالجزائر؟! و هل المهام التي تقوم بها الشرطية الجزائرية أكثر صعوبة و تعقيدا من تلك التي تقوم بها الشرطية في لندن، ما يجعل الحجاب أو الخمار واحدا من موانع الأداء الجيد بالنسبة للشرطية الجزائرية ؟
هل الشابة الجزائرية المحجّبة منذ سنوات طويلة و المتمسكة بحجابها عن اقتناع، إذا ما هي أرادت أن تلتحق بسلك الشرطة، و ربما هو السلك الذي ظلت تحلم بالانتماء إليه منذ نعومة أظافرها، لا خيار لها عدا التجرد من حجابها حتى لا نقول التبرّج و هكذا تحقق طموحها و إما تحتفظ بحجابها و تتخلّى عن حلمها القديم ؟ و إذا ما تلك الشابة وجدت نفسها مرغمة على عدم تفويت فرصة العمل في صفوف الشرطة، و بالتالي ترمي بحجابها مضطرة رغم أنفها، هل لنا أن نتصوّر حجم الضرر النفسي الذي سيلحق بها، و هي تطوي حجابها لتضعه في الخزانة و تغلق عليه إلى الأبد؟!
الحقيقة أنه يمكننا أن نسترسل في الكلام و نقول الكثير عن خيارين أحلاهما قد يكون مرّا بالنسبة لصنف معين من فتيات الجزائر.
إن سلك الشرطة إذا كان هو موجود لخدمة المجتمع فانه أيضا جزء من هذا المجتمع، و لا نتصوره يتبنى خيارات لا تتجانس مع ما يفضّله المجتمع و يقدّسه و لا يريد أن يتنازل عنه. فقد كنا نتمنى لو أن جهاز الشرطة أشرك اجتماعيين و نفسانيين و جامعيين و حتى فئات معينة من المجتمع لدراسة الموضوع قبل البت فيه، لأننا بصراحة لا نرى أي عيب في شرطية تضع خمارا على رأسها... بالعكس، هي صورة مثالية لامرأة متدينة، واقفة مثلها مثل أي رجل لحفظ الأمن... أين العيب في منظر شرطية محجبة إذا كنا لم نر أي عيب في قاضية محجبة و محامية محجبة و طبيبة محجبة و مهندسة محجبة و معلمة و أستاذة محجبة و مديرة محجبة و صحفية محجبة و فنانة و أديبة و جامعية محجبة؟!
فعندما نقول بأنه لا يمكن للشرطية الجزائرية أن تكون محجبة فإننا بذلك و كأننا نقول إما أن مهنة الشرطية أسمى من كل المهن الأخرى التي تمارسها النساء في الجزائر، و إما أنها مهنة أقل من باقي المهن الأخرى. و إلا لماذا يُسمحُ بالحجاب لكل نساء الجزائر العاملات و لا نسمح به للشرطيات ؟!
لو نسأل السيد علي تونسي: لماذا لا نرى شرطيات ضمن فرق رجال الأمن المتخصصة في مكافحة الشغب و الإرهاب ؟ لردّ علينا ربما بأن للمرأة خصوصيات. إذن، ما دامت للمرأة عموما خصوصيات، و للمرأة الجزائرية خصوصيات متميزة، فليعلم السيد تونسي و نحن معه بأن من خصوصيات المرأة الجزائرية الحجاب الذي أحببنا أم كرهنا، دخل في تقاليد الأسرة و المجتمع الجزائريين.
القرار.. أي قرار مهما كان نوعه و مهما بلغت رتبة الجهة التي صدر عنها، ليس قرآنا كريما. و كل القرارات قابلة للمراجعة و التنقيح و التعديل، و أملنا كل أملنا أن تراجع إدارة الأمن الوطني هذا القرار، على نحو ذكي لا يمسّ بطابع مهنة الشرطية من جهة، و لا يحرم المحجبة من حقها و واجبها الديني، من جهة أخرى.
يمكننا أن نتخيّل لو أن حزبا إسلاميا معيّنا وصل إلى سدة الحكم بداية التسعينات، و اشترط ألا توظّف في سلك الشرطة إلا النساء و الفتيات المحجّبات، ماذا كان سيحدث ؟! الذي كان سيحدث هو أن جمعيات نسوية جزائرية معيّنة كانت ستخرج إلى الشارع في مسيرات تنديدية لا نهاية لها، و السفارات الأجنبية ترسل تقارير عاجلة إلى بلدانها، و المنظمات غير الحكومية الدولية ترفع القضية إلى الأمم المتحدة و لجنتها لحقوق الإنسان، و القنوات التلفزيونية و المحطات الإذاعية و الصحف الأجنبية ستتنافس في ما بينها على روبورتاجات ساخنة حول المسألة، و دعاة و حماة حقوق الإنسان عندنا يرفعون الدستور، و يقيمون الدنيا و لا يقعدونها!
هي قضية بسيطة جدا، و لا تستدعي أكثر من بعض التبصّر... كميّة من القماش ذي اللون الأبيض أو الأزرق، تُصنعُ منها خمارات موحّدة و الإشكال منته. فالشرطية التي تفضل ألا تغطي شعرها و أن تلبس التنورة هي حرّة و المهم هو أن تؤدي واجبها المهني، و الشرطية التي تفضل الخمار و السروال المستور بـ
" ليكات" هي أيضا حرة و المهم دائما هو أن تشرّف مهامها.
حقيقة أننا لم نألف رؤية شرطيات جزائريات يقمن بمهامهن و هن مرتديات للحجاب أو يغطين رؤوسهن بالخمار، و ربما وّجد من بيننا من تساءل ذات يوم: لماذا لا نرى في بلادنا أبدا شرطيات محجبات ؟! الأمر أصبح واقعا مألوفا عندنا، و لكن ما أن تأكد هذا الواقع على لسان المسؤول الأول لجهاز الشرطة، حتى شعر البعض بالصدمة.
نعم ! هناك من صدمه كلام المدير العام للأمن الوطني، و إن كانوا كثيرين هم الذين لم يتجرؤوا على التعبير عن صدمتهم، ربما لأن الأمر يتعلق بالمدير العام للأمن الوطني ؟!
لكن بعيدا عن منطق الصدمة، لنتساءل أولا: لماذا لا يمكن لامرأة جزائرية أن تكون شرطية تمارس مهامها و هي محجبة ؟ مبدئيا و حسب ما قيل أن الحجاب يعوق عمل المرأة الشرطية . و لكن هذا مبرر وحده لا يكفي لأننا عندما نعرف أن في بريطانيا و هي بلد غير مسلم توجد شرطيات يقمن بواجبهن و هن محجبات و لو أن الحجاب في حالتهن مجسد في الخمار، فإننا لا نجد بدّا من التساؤل مرة أخرى إن كانت بريطانيا أكثر مراعاة لخصوصيات المرأة المسلمة المتدينة من البلدان العربية و من ضمن هذه البلدان الجزائر ؟! كيف أن الحجاب لم يعق عمل الشرطية في لندن، و يعيقها عندما ترتديه بالجزائر؟! و هل المهام التي تقوم بها الشرطية الجزائرية أكثر صعوبة و تعقيدا من تلك التي تقوم بها الشرطية في لندن، ما يجعل الحجاب أو الخمار واحدا من موانع الأداء الجيد بالنسبة للشرطية الجزائرية ؟
هل الشابة الجزائرية المحجّبة منذ سنوات طويلة و المتمسكة بحجابها عن اقتناع، إذا ما هي أرادت أن تلتحق بسلك الشرطة، و ربما هو السلك الذي ظلت تحلم بالانتماء إليه منذ نعومة أظافرها، لا خيار لها عدا التجرد من حجابها حتى لا نقول التبرّج و هكذا تحقق طموحها و إما تحتفظ بحجابها و تتخلّى عن حلمها القديم ؟ و إذا ما تلك الشابة وجدت نفسها مرغمة على عدم تفويت فرصة العمل في صفوف الشرطة، و بالتالي ترمي بحجابها مضطرة رغم أنفها، هل لنا أن نتصوّر حجم الضرر النفسي الذي سيلحق بها، و هي تطوي حجابها لتضعه في الخزانة و تغلق عليه إلى الأبد؟!
الحقيقة أنه يمكننا أن نسترسل في الكلام و نقول الكثير عن خيارين أحلاهما قد يكون مرّا بالنسبة لصنف معين من فتيات الجزائر.
إن سلك الشرطة إذا كان هو موجود لخدمة المجتمع فانه أيضا جزء من هذا المجتمع، و لا نتصوره يتبنى خيارات لا تتجانس مع ما يفضّله المجتمع و يقدّسه و لا يريد أن يتنازل عنه. فقد كنا نتمنى لو أن جهاز الشرطة أشرك اجتماعيين و نفسانيين و جامعيين و حتى فئات معينة من المجتمع لدراسة الموضوع قبل البت فيه، لأننا بصراحة لا نرى أي عيب في شرطية تضع خمارا على رأسها... بالعكس، هي صورة مثالية لامرأة متدينة، واقفة مثلها مثل أي رجل لحفظ الأمن... أين العيب في منظر شرطية محجبة إذا كنا لم نر أي عيب في قاضية محجبة و محامية محجبة و طبيبة محجبة و مهندسة محجبة و معلمة و أستاذة محجبة و مديرة محجبة و صحفية محجبة و فنانة و أديبة و جامعية محجبة؟!
فعندما نقول بأنه لا يمكن للشرطية الجزائرية أن تكون محجبة فإننا بذلك و كأننا نقول إما أن مهنة الشرطية أسمى من كل المهن الأخرى التي تمارسها النساء في الجزائر، و إما أنها مهنة أقل من باقي المهن الأخرى. و إلا لماذا يُسمحُ بالحجاب لكل نساء الجزائر العاملات و لا نسمح به للشرطيات ؟!
لو نسأل السيد علي تونسي: لماذا لا نرى شرطيات ضمن فرق رجال الأمن المتخصصة في مكافحة الشغب و الإرهاب ؟ لردّ علينا ربما بأن للمرأة خصوصيات. إذن، ما دامت للمرأة عموما خصوصيات، و للمرأة الجزائرية خصوصيات متميزة، فليعلم السيد تونسي و نحن معه بأن من خصوصيات المرأة الجزائرية الحجاب الذي أحببنا أم كرهنا، دخل في تقاليد الأسرة و المجتمع الجزائريين.
القرار.. أي قرار مهما كان نوعه و مهما بلغت رتبة الجهة التي صدر عنها، ليس قرآنا كريما. و كل القرارات قابلة للمراجعة و التنقيح و التعديل، و أملنا كل أملنا أن تراجع إدارة الأمن الوطني هذا القرار، على نحو ذكي لا يمسّ بطابع مهنة الشرطية من جهة، و لا يحرم المحجبة من حقها و واجبها الديني، من جهة أخرى.
يمكننا أن نتخيّل لو أن حزبا إسلاميا معيّنا وصل إلى سدة الحكم بداية التسعينات، و اشترط ألا توظّف في سلك الشرطة إلا النساء و الفتيات المحجّبات، ماذا كان سيحدث ؟! الذي كان سيحدث هو أن جمعيات نسوية جزائرية معيّنة كانت ستخرج إلى الشارع في مسيرات تنديدية لا نهاية لها، و السفارات الأجنبية ترسل تقارير عاجلة إلى بلدانها، و المنظمات غير الحكومية الدولية ترفع القضية إلى الأمم المتحدة و لجنتها لحقوق الإنسان، و القنوات التلفزيونية و المحطات الإذاعية و الصحف الأجنبية ستتنافس في ما بينها على روبورتاجات ساخنة حول المسألة، و دعاة و حماة حقوق الإنسان عندنا يرفعون الدستور، و يقيمون الدنيا و لا يقعدونها!
هي قضية بسيطة جدا، و لا تستدعي أكثر من بعض التبصّر... كميّة من القماش ذي اللون الأبيض أو الأزرق، تُصنعُ منها خمارات موحّدة و الإشكال منته. فالشرطية التي تفضل ألا تغطي شعرها و أن تلبس التنورة هي حرّة و المهم هو أن تؤدي واجبها المهني، و الشرطية التي تفضل الخمار و السروال المستور بـ
" ليكات" هي أيضا حرة و المهم دائما هو أن تشرّف مهامها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق