الثلاثاء، 5 فبراير 2013

الشباب والادمان ..الاستاذة: تشيرة برجي اخصائية نفسية باريس

الشبابُ هم عمادُ الأمة، وساعدُها القوي، وعليهم تنعقد الآمال من أجل إدارة الحاضر، وبناء مستقبل أفضل فلا تقاس نهضة الامم بمقدار ما تمتلكه من بترول و تربة خصبة و لا موارد خام وانما تقاس بما تمتلكه من شباب و مدى وعيه وجديته و اجتهاده.
  وتمتاز فترة الشباب بخصائص فريدة، تميزها عن مراحل العمر الأخرى، وتجعلها محط آمال الصديق، ومصب أطماع العدو
ففي هذه الفترة تحصل عند الشاب والشابة مجموعة من التغيرات الفيزيلوجية والنفسية، التي تقربهما من الرجولة الكاملة، والأُنوثة الكاملة، فينفتحوا على عالمٍٍ جديدٍ من الميول والرغبات، والحاجات الغريزية، التي لم يعرفوها في فترة الطفولة..


  ويستغل هذه التغيرات كل من وسوست له نفسه بالافساد وذلك بنشرأفكار منحرفة( التنصير، عبدة الشيطان...)أو انحرافات أخلاقية بدافع عقدي أو سياسي أو مادي..
وهكذا ينساق الشاب وراء هذه التضليلات بدافع التلذذ والمرح ، أو حب الاستطلاع، أوتقليد الأقران، أو هروبا من المشاكل والاكتئاب أو اتباع الموضة أو للتركيز في الدراسة... مندفعاً بسذاجة الطفولة، وبساطة التفكير التي لا تزال رواسيها مؤثرة في تفكيره، وعدم حسابه لعواقب الأمور.
   ومن تلك الانحرافات التعاطي لللمخدرات والادمان عليها .
  والمخدرات هي مجموعة من المواد التي تسبب الإدمان ( الاعتماد النفسي والبدني وتسمم الجهاز العصبي المركزي ويحظر تداولها أو زراعتها أو تصنيعها إلا لأغراض يحددها القانون ولا تستخدم إلا بواسطة من يرخص له بذلك .
   وتشمل أنواعا مختلفة حسب تأثيرها منها :
 - مثبطات = مهبطات : كالهيروين والكحول والبنزين.
 - منشطات= منبهات : كالنيكوتين والكوكايين
 - مهلوسات = المثيرة للأخاييل: ويأتي على رأسها القنب الهندي الذي يستخرج منه الحشيش
  وهي ظاهرة اكتوى بنارها العالم بأسره منذ عقود وانتشرت بين شبابنا العربي والمغربي بالخصوص لذلك يأتي هذا الموضوع ل :
 - التوعية بحجم الظاهرة وخطورتها
 - الاقتناع بضرورة مكافحتها
 - تحديد دور الشباب في مواجهة هذه الآفة( لأنه يعتبر أهم حلقة في سلسلة هذه المكافحة اذ بدون وعيه بخطورة هذه المخدرات من جهة واقتناعه بضرورة مكافحتها من جهة  اخرى فستفشل لا محالة كل الجهود ) وذلك من خلال التصميم التالي :
1 - حجم الظاهرة وأضرارها
2 - محاربة الظاهرة
2-1- الحد من العرض 
2-2 الحد من الطلب 
* العلاج
* الوقاية
1-حجم الظاهرة وخطورتها:
1 حجم الظاهرة
- أصبحت المخدرات آفة من آفات هذا العصر وتفاقمت تلك الآفة وازدادت انتشاراً في العالم بحيث أن الدراسات والأبحاث على مستوى العالم تؤكد على أن المشكلة في ازدياد رغم الجهود الدولية لمكافحتها حيث أصبحت تجارة المخدرات تمثل المرتبة الثالثة من حيث الحجم أي تشكل ما بين (9-10%) من حجم التجارة العالمية
  -  أكثر من 800 مليون من البشر يتعاطون للمخدرات أو يدمنون عليها ، 10 مليون منهم من العالم العربي
لآ توجد احصاءات مغربية الا أن وزارة الصحة المغربية أوضحت أن مدنا مثل طنجة وتطوان والناضور وفاس تعرف تفاقما في ظاهرة الإدمان وأن تطوان وحدها تأوي أكثر من20000 متعاطي وأن المنطقة الشرقية عرفت لوحدها استهلاك 500000  حبة قرقوبي خلال الخمس سنوات الماضية.
 - تزايد اعداد المتعاطين في صفوف الشباب حيث أن 26℅ من الشباب المغربي مدمن 90 ℅ أعمارهم لا تتجاوز 25 سنة و أصبح معدل بداية التعاطي هو 12سنة . لذا فهي من الظواهر المعطلة لعملية النماء والتطور لأي مجتمع
1-2 -  الأضرار الناجمة عن المخدرات :
   *  الأضرار الصحية : كتآكل ملايين الخلايا العصبية التي تكوّن المخ وما يترتب عن ذلك من فقدان للعقل واضعاف للذاكرة (42 % من) واختلال لللأجهزة التي يتحكم فيها المخ (إتلاف الكبد وارتفاع ضغط الدم ، وانفجار الشرايين ، و فقر الدم الشديد وتكسر كرات الدم الحمراء ،واضعاف القدرة الجنسية بسبب نقصان افرازات الغدد الجنسية )،بالاضافة الى علاقتها بأمراض خطيرة كالالتهاب الكبدي الوبائي، وفيروس فقدان المناعة المكتسبة حيث أن 3 % من المدمنين مصابين ، والإصابة بنوبات صرعية بسبب التوقف عن استخدام المخدرات دون علاج وذلك لاعتماد الجسم عليها 
   * الأضرار النفسية : كالقلق والخوف والتوتر المستمر، والشعور بعدم الاستقرار ،والعصبية الشديدة والحساسية الزائدة ، والتوتر الانفعالي
   *الأضرار الاجتماعية : والتي تتمثل في التفكك الأسري (سميرة التي نسيت لمن أعطت طفلتها) ، البطالة ، وتخلف الشباب في التحصيل العلمي والثقافي والتربوي و التسول والسرقة (أقنعوني أن القرقوبي سيجلب لي "الصرف" الذي يصرفه في شراء اخر : دوامة) و الدعارة (المدمنة على الشيشة بعد هروب حبيبها ) والاغتصاب (الجدة) والعنف ضد النفس وضد الغير،وارتفاع الجريمة في المجتمع ( قرابة 50% من حوادث القتل تكون بسبب المخدرات والكحول، كما أن 1/3 حوادث الانتحار ومحاولاته تكون بين المدمنين، و72 %من حوادث الاغتصاب هي بسبب المخدرات).
  * الأضرارالاقتصادية :
 - بالنسبة للفرد الذي يضطر الى دفع مبالغ كبيرة من أجل اقتناء المخدر(حسب بعض التصريحات يحتاج الشاب ما يقرب من 75 درهما لسمطة القرقوبي يوميا) بالاضافة الى تدني الانتاج في العمل والمدرسة 
 -بالنسبة للدول التي تتكبد خسائر فادحة نتيجة الادمان وتجارة المخدرات لكثرة انفاق الأموال من أجل مكافحة تهريب وتعاطي المخدرات ومحاكمة المخالفين وتنفيذ العقوبات من جهة  وعلاج المدمنين من الادمان ومن الأمراض الناتجة عنه من جهة أخرى.
ولو استخدمت الإنسانية 20% من الأموال المتداولة بتجارة المخدرات الدولية
لاختفت الأمية من العالم و 60% من تلك الأموال تقضي على الفقر في 27 دولة هي الأكثر فقراً من بين دول العالم .
وبذلك تصبح مكافحة هذه الظاهرة ضرورة حتمية لابد فيها من تكاثف الجهود بين كل مكونات المجتمع بل وبين  الدول فهي ظاهرة عالمية محلية مجتمعية فردية في آن واحد. لهذا كان لا بد من مواجهتها في جميع هذه المستويات.
2-محاربــــة المخــــدرات:
إن مشكلة المخدرات بأبعادها المتعددة مشكلة في غاية التعقيد لذلك فان محاربتها لها علاقة بحل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والنفسية والبيئية والأخلاقية .. ولكل مشكل من هذه المشاكل وزنه الخاص، ويختلف من مجتمع لآخر ومن فئة وطبقة اجتماعية إلى أخرى لذلك فان مكافحة المخدرات تقتضي العمل في مستويات متعددة من أجل القضاء على إنتاجها وتهريبها واستهلاكها.
  ويزداد الاستهلاك عادة مع زيادة العرض ورخص السعر، ذلك أن منتجي المخدرات يطوّرون دائماً أصنافاً جديدة ومخدرات مغشوشة تلبي حاجات المستهلك  حسب امكانياته
كذلك تنمو هذه التجارة (تجارة المخدرات)، بسبب زيادة الطلب من قبل المستهلكين،الذين يتعاطونها لأسباب مختلفة : فاما ان تكون نوعا من التمرد أو هروبا من الواقع الاجتماعي او الاقتصادي، أو تعبيرا عن الاستسلام والإقرار بالهزيمة النفسية، وأحياناً لمجرد اقتناص النشوة والسعادة المتوهمة. بل إن كثيراً من الناس ينظرون الآن للمخدرات مثل الكوكايين كوسيلة ترفيه. وعند أشخاص آخرين، لا يزال استعمال المخدرات مجرد تعبيرً عن الضجر من وتيرة الحياة اليومية...
  لذلك فان جهود مكافحة المخدرات لا تخرج عن ركنين أساسيين الأول هو الحد من عرض المخدرات و الثاني هو الحد من الطلب على المخدرات في المجتمع
1) الحد من عرض المخدرات في المجتمع :
 وذلك عن طريق :
  * تشديد العقوبات على الزارعين والمهربين والتجاروذلك ب :
 - المكافحة الأمنية ضد  أفعال التهريب، والجلب، والاتجار، والزراعة، والتصنيع للمواد المخدرة من طرف قوات الأمن الحدودية، ومصلحة الجمارك في المعابر المختلفة ، ووزارة الصحة ، ووزارة الداخلية وقوات حفظ النظام، والشرطة البحرية.
 - ملاحقة الهاربين من الأحكام القضائية الخاصة بالتهريب والاتجار، على المستوى المحلي والدولي،
 - حصر ثروات التجار والمهربين، وتقديم نتائج الحصر للجهات القضائية المختصة،
 * سن قوانين زاجرة ومحاربة اللوبيات التي تقف دون تفعيلها
   لكن مجهودات الحد من العرض منفصلة عن الحد من الطلب (كما اعتمدتها الحكومات في البداية) تبوء بالفشل. لأنه طالما وجد هؤلاء أن المخدرات تعود عليهم بأرباح ضخمة لا تدرها أي تجارة أخرى فإنهم لن ينصرفوا عنها مهما كانت المخاطر التي تكتنفها والتي يظنون دائما أنهم قادرون على تجنبها والتغلب عليها. من ذلك أن سعر 1 كلغ من الأفيون فى البلاد المنتجة لا يزيد على 10 دولارات بينما هو فى البلاد المستهلكة 10000 دولار. وفى صناعة الكوكايين يعود توظيف 100 دولار على صاحبها بفوائد تقدر بحوالى 100000 دولار.            
  وقد أجريت دراسة إحصائية تحليلية لجرائم جلب المخدرات والاتجار فيها قبل تشديد العقوبات وبعد تشديدها تبين منها أنه عقب التشديد مباشرة حدث انخفاض شديد فيها بلغ 50% استمر ستة أشهر فقط ثم عاد إلى الارتفاع شيئا فشيئا حتى بلغ 100% بعد عام واحد ثم بلغ 200% بعد عامين وهكذا حتى أصبح كالمتوالية الحسابية، لذلك فان هذه الوسيلة وان كانت ضرورية الا أنها غير كافية
2) الحد من طلب المخدرات
  اذا كانت الجهود لم تنجح في كبح قوى "العرض" فإن الجهد الأكبر يجب أن ينكب على تقليل "الطلب" على المخدرات لأن بداية تعاطي المخدرات هي غالباعمل واعي أقدم عليه الشخص عن علم واختيار وبإرادة كاملة لا ينتقص منها أن يكون قد تأثر بعوامل نفسية أو اجتماعية لذلك فان محاربة المخدرات لا يمكن ان تؤتي أكلها الا اذا اقتنع بها الفرد المستهلك.
  ولتحقيق هذا الهدف لا بد من العمل على واجهتين أولهما علاج المتعاطين والمدمنين وثانيهما وهو الأهم، الوقاية من تعاطي المخدرات.
   الوقــــــايـــــة والعـــــــلاج :
  -1 العــــــــــــلاج .
  أ- أهميـــة العـــــلاج:
  غالبية المدمنين يعتقدون في البداية بأنهم قادرون على التوقف عن استخدام المخدرات بدون علاج، ومعظمهم يحاولون ولكن هذه المحاولات قد تنتهي بالفشل في الحصول على توقف طويل لأن الاستخدام الطويل للعقاقير المخدرة تحدث تغيرات مهمة في وظائف الدماغ والتي تستمر لفترة طويلة بعد التوقف. بالاضافة الى أن الضغوطات النفسية من العمل، أو المشاكل الأسرية، أو المحفزات داخل المجتمع (مثل مقابلة أحد الأفراد الذي كان يتعاطى معهم في الماضي) أو الظروف المحيطة (مثل رؤيةالأدوات،الاماكن، رائحة المخدر) يمكن أن تتفاعل مع العوامل البيولوجية لتأخير الحصول على توقف دائم اذا في كثير من الحالات لا بد للعلاج أن يتم تحت الإشراف الطبى المباشر ،وفى مكان صالح لذلك ، كالمستشفيات المتخصصة حيث يتم علاج كل مدمن بالطريقة المناسبة له حسب الخواص الكيمائية والبيولوجية للمخدر والكمية المتعاطاة وعدد مرات التعاطي وطريقة التعاطي (البلع/التدخين/الحقن/الاستنشاق) وحسب دوافع الادمان (التوتر/الاكتئاب/تسكين ألم...) وقوة بدن المتعاطي وشخصيته .   
  ب- مراحل العلاج : 
   لعلاج الإدمان مراحل متتالية :
1) إزالة السموم(Detoxification) : وهى مرحلة طبية فى الأساس ،الهدف منها هو مساعدة الجسد على القيام بدوره الطبيعي(التخلص التلقائيً من السموم)، وأيضاً التخفيف من آلام الانسحاب، ثم علاج الأعراض الناتجة عن الانسحاب  (كالاكتئاب، والقلق، واضطرابات  المزاج، التشنجات والهذيان...).
2)  العلاج النفسي والاجتماعي:  أظهرت دراسة علمية أن خضوع المدمنين للعلاج النفسي السلوكي يقلل تعاطيهم للمخدرات بنسبة 30%
وتنقسم هذه المرحلة إلى ثلاثة مكونات أساسية أولها:
  أ- التأهيل النفسي وذلك :
 - بعلاج السبب النفسي الأصلي لحالات التعاطي ان وجد
 - بالتحصين النفسي عن طريق العلاج الديني، الذي ينصح به الكثير من المختصين، والذي يهدف إلى إعادة تربية المدمن وبناء شخصيته على أساس إيمانه بالله، ومن ثم الاعتراف بينه وبين نفسه أنه ارتكب خطيئة بإمكانه أن يكفر عنها وإن باب التوبة مفتوح على مصراعيه فيبدأ بأداء الواجبات الدينية وعلى رأسها الصلاة والصوم ويحضر جلسات إرشادية جماعية
  ب- التأهيل الاجتماعي :
  وتستهدف هذه العملية إعادة دمج المدمن فى الأسرة والمجتمع ، وذلك علاجاً لما يسمى (بظاهرة الخلع) حيث يؤدي الإدمان إلى انخلاع المدمن من شبكة العلاقات الأسرية والاجتماعية ، وذلك بتدريبه على كيفية اتخاذ القرارات وحل المشكلات ومواجهة الضغوط .
  ج- التأهيل العملي :
  وتستهدف هذه العملية استعادة المدمن لقدراته وفاعليته فى مجال عمله أو دراسته ، وعلاج المشكلات التى تمنع عودته إلى العمل، أما إذا لم يتمكن من هذه العودة ، فيجب تدريبه وتأهيله لأي عمل آخر متاح ، حتى يمارس الحياة بشكل طبيعي
   د- الوقاية من النكسات:
  ومقصود بها المتابعة العلاجية لمن شفى لفترات تتراوح بين ستة أشهر وعامين من بداية العلاج ، مع تدريبه وأسرته على الاكتشاف المبكر للعلامات المنذرة لاحتمالات النكسة ، لسرعة التصرف الوقائي اتجاهها.
2-2 ) الوقـــايـــــــة:
   أ- أهميتها :
   إن الوقاية وبناء المناعة الذاتية هي أفضل إستراتيجية لمواجهة المخدرات فهي بالتأكيد خير من العلاج ونتائجها أضمن وأحسن وأسهل.
وقد قسم الخبراء الوقاية الى ثلاث مستويات : الوقاية الأولية والوقاية من الادمان والوقاية من التمادي وبالطبع فان أهمها هي الوقاية الأولية التي تتمثل في بناء مقاومة داخلية في الشخص تمكنه من قول "لا" لمحاولة التجربة الأولى للمخدرات
   ب- وسائلها :
   تتحقق الوقاية عن طريق امور ثلاثة :
1 - التعرف على أضرارالمخدرات على المستوى الصحي والنفسي والاجتماعي والاقتصادي ،
 *وهنا يمكن للاعلام أن يلعب دورا متميزا في التوعية ضد هذه الآفة والحالة البائسة التي يصير اليها المدمن وليس العكس
  *القيام بزيارات ميدانية لبعض الجهات كالاصلاحيات والسجون التي تأوي العشرات بل المئات ممن تغيرت حياتهم واصبحوا يعيشون مرارة الندم والحسرة ..
 *القيام بأبحاث وعروض في الأقسام
2  - تشكيل مواقف سليمة وصحيحة عن المخدرات وذلك:
 - بالتعرف على أشكالها وطرق توزيعها تجنبا للمكيدة (توزع في البداية بدون مقابل/تباع بثمن بخس على أبواب المؤسسات…)
 - بمحاربة الاعتقادات الخاطئة بان المخدرات تزيد في القدرة الجنسية أو بقدرتها على تخليص الشخص من الهموم وازالة الشعور بالقلق والاكتئاب والملل أو تخلص من التدخين
  - عدم استخدام بعض الأدوية دون استشارة طبّيّة ، مما يؤدي بالجسم إلى طلب المزيد من هذا العقار الذي قد يكون في تركيبه ما يدعو إلى الإدمان
 - محاربة بوابات الإدمان : اذ عادة ما يبدأ المتعاطي باستخدام مواد خفيفة ثم ينتهي به الأمر إلى الإيغال في الإدمان وتعاطي المواد الخطرة. وقد بينت الدراسات العلمية المختبرية أن تعاطي بعض المواد المخدرة يدفع الفرد إلى تعاطي مواد أخرى أكثر خطورة، وأهم هذه البوابات :
  أ-التدخين :
  * إن إدمان النيكوتين هو أوسع انتشارا من جميع أنواع المخدرات والخمور مجتمعة ، وذلك لكثافة استخدام التبغ فقد أفادت بعض الدراسات الميدانية أن 12 % من من أطفال المدارس الابتدائية في المغرب يدخنون، وأن النسبة ترتفع إلى 60 في المائة في صفوف تلاميذ الثانوي
  * ان الرفقه السيئة ومحدودية اللذة التي يجلبها التدخين تدفع  بعض المدخنين الصغار إلى البحث عن درجات أعلى من النشوة واللذة. وبزوال الحواجز الأخلاقية والاجتماعية والقانونية يصبح الطفل/ الشاب قابلا لأي عرض يقدم له. وقد قال احد الباحثين الذي أجرى دراسة تتبعية حول تعاطي المراهقين للمخدرات "إن تعلم تدخين السجائر هو تدريب ممتاز لتعلم تدخين الحشيش حيث إن تدخينه  إلى حد ما دائما يبدأ بتدخين السجائر"
  *  قامت كلية لأطباء بريطانية بإجراء مقارنة بين الإدمان الذي يسببه النيكوتين والمواد المعروفة باسم المخدرات . والمذهل حقا أن الباحثين قد وجدوا بدرجة يقينية أن النيكوتين في التبغ لا يقل عن إدمان أعتى المخدرات تسببا للإدمان وهما الهيروين والكوكايين . بل إن بعض الأبحاث تشير إلى أن إدمان النيكوتين أشد من إدمان الهيروين وإدمان الكوكايين . ، فمن بين كل مئة شخص يتعاطون التبغ ، فإن ما بين 85 و 90 % سيصحبون مدمنين له وإذا قارنا ذلك بالخمور مثلا فمن بين كل مئة يتعاطون الخمور فإن نسبة 15 % فقط هم الذين سيصبحون مدمنين لها
  ب- الكحول :       
  كما تدل الدراسات والأبحاث العلمية أن معظم متعاطي الحشيش يبدؤون أولا بشرب الكحول. والاستخدام المزدوج للسجائر والخمر القوي مرتبط بالدخول إلى عالم المخدرات الممنوعة
  وكالة أنباء أمريكية : المغرب من بين أكبر البلدان العربية إنتاجا للخمر ، إذ تم تصنيع 35 مليون قنينة خمر في المغرب خلال سنة 2008 ، ومن أصل 27 مليون قنينة أنتجتها أكبر شركة للخمر في المغرب السنة الماضية ، تم تصدير مليوني قنينة فقط لأروبا والولايات المتحدة الاميركية
  ج- الشيشة :
  انتشرت مقاهي الشيشة ذات الطابع الشرقي بشكل مخيف وأصبحت موضة تجذب اليها الشباب والشابات الذين ولسوء الحظ يجدون أنفسهم غير قادرين على الخروج منها بسبب ادمانهم على هذا المخدرالقاتل فحسب المنظمة العالمية للصحة فان كمية النيكوتين في جرعة من الشيشة تعادل علبة كاملة من السيجارة بالاضافة الى ما قد تحتوي عليه من حشيش ناهيك عن أضرارأحادي أكسيد الكاربون المنبعث من الفحم (30 % من الوفيات بسبب التدخين بمصر هي بسبب الشيشة)
3 -   تطوير القدرات الفردية لمقاومة استعمال المخدرات
  - تفهم طبيعة مرحلة المراهقة والتحكم في تلك الرغبات الجديدة التي تعتري المراهق من حب للاستطلاع والمغامرة واثبات الذات والاحساس بالرجولة والقدرة على اتخاذ القرار(وهذا الأمر ممكن بدليل وجود الكثيرين من المراهقين العاقلين والفاعلين)
  - استخدام لغة الحوارمع الآخرين خاصة الوالدين وتحسين العلاقة معهم
  - ترك أصدقاء السوء والبحث عن قدوة حسنة لأن لرفقاء المراهق دوراً بالغا في التأثير عليه بالوقوع في شراك المخدرات، حيث يُعْتَبَرُون الأسرة البديلة عن أسرته، ومثله الأعلى، فآراؤهم وأفكارهم محط اهتمامه، وهم ملاذه في الأزمات وفي مواقف الضعف التي يتعرض لها خاصة عندما يرى أن الأسرة مصدر هذه الأزمات ، وهنا مكمن الخطورة عندما تكون هذه الرفقة من سيئي السلوك، مما قد يقود إلى المخدرات
  - التدرب على الثقة بالنفس واكتساب المهارات الحياتية كاتخاذ القرارات وعدم التسرع ومواجهة المشاكل( العنف الأبوي/التفكك الأسري/الفقر/البطالة...) وحسن استغلال الوقت وذلك عن طريق الانخراط في نوادي رياضية وجمعيات ثقافية او اجتماعية أو جمعيات الكشافة والجوالة. فبدلا من أن يرى الشباب الحياة مجموعة من المصائد والمكائد، أو المخاطر والمآزق يراها منظومة من الفرص والتحديات والعتبات التي يتجاوزها ويكتسب في كل خطوة قوة أكثر واعتزازا أكثر واندفاعا أسرع نحو آفاق أعلى من الإنجاز
  - حسن التعامل مع وسائل الاعلام
  - تقوية الوازع الديني وتوطين النفوس على تقوى الله وطاعته لأن هذا هو الوازع الداخلي وخط الدفاع الأخير الذى يلوذ به الإنسان عند الضرورة ليواجه شرور نفسه ومغريات الدنيا ووساوس الشيطان بما فيها المخدرات
 * قال تعالى في تحريم الخمر،الذي قاسه العلماء بالمخدرات لأن المقصد من التحريم واحد وهو الحاق الأدى بالعقل والصحة، : " يا أيها الذين أمنوا انما الخمر والميسروالانصاب والازلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون، انما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة، فهل أنتم منتهون" .
 * توعد الله شاربها بالعقاب في الدنيا والآخرة وقال (ص) "كل مسكر حرام، ان الله عز وجل عهد لمن يشرب الخمر أن يسقيه من طينة الخبال، قالوا يا رسول الله ما طينة الخبال، قال عرق أهل النار أو عصارة أهل النار.  
 * كما أن الرسول (ص) نفى الايمان عن شاربها " ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن "
   الخاتمـــــة:
 - ان محاربة المخدرات أمر معقد للغاية بسبب ارتباطه بالظروف الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والنفسية والعقدية والأخلاقية السائدة..
 - محاربة المخدرات عن طريق تشديد العقوبات على منتجي المخدرات والمتاجرين فيها والمهربين لها وعلى متعاطيها اجراءات مطلوبة لكنها غير كافية
 - يرتبط العلاج من التعاطي أو الادمان بطبيعة المخدروسبب التعاطي ومدى تجاوب المدمن مع العلاج واصراره عليه
 - الوقاية خير من العلاج  لأنها الأسهل والأضمن
 - قناعة وقوة شخصية الشاب هي المحدد الأساسي  لقوله  "لا ولن" أجرب المخدرمهما كانت الظروف والأسباب
 - يعتبرالالتزام الديني والأخلاقي البعد الأهم الذي يساعد على العلاج ويضمن  الوقاية للشاب ويجعله يحبذ رفض فكرة التعاطي ونبذها، وهو أكثر الطرق يسرا لحل المشكلة انطلاقا من تعاليم الدين التي تحرم استعمال الخمور والمخدرات، إلى الممارسات الدينية في دور العبادة التي تزيد مناعة الإنسان ضد مساوئ وأضرار المخدرات.
   *رسالة الى المدمن:
  - لا تقنط من رحمة الله فأبواب التوبة دائما مفتوحة "فقد قال تعالى : "قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إنّ الله يغفر الذنوب جميعًا إنه هو الغفور الرحيم" (سورة الزمر) بشرط الاقلاع عن  هذه لمعصية  و العزم على عدم العودة فان لم تستطع فحاول المرة تلو الأخرى مستعينا في ذلك بمن يحب لك الخير حتى تتجاوز هده المرحلة 
  - خذ قرارك بعزم منذ هذه اللحظة حتى تتجنب أن تخسر المزيد
   *رسالة الى غير المدمن
   *اياك والتجربة الأولى، أغلق باب الادمان باحكام برفضك المحاولة، فخير لك أن تفقد صديقا على ان تفقد نفسك
   * ساعد أصدقاءك على النجاة ، قال (ص) ."لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه" (رواه البخاري ومسلم )فأنت بذلك ستنجي نفوسا هم أمل هذه الأمة "ومن أحياها فكانما أحيى الناس جميعا"(المائدة)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق