في دراسة
السلوك الفردي، يذهب علماء النفس التربوي، إلى أن الشخص الذي قضى مدة من
الزمان، بنفس الأفكار، ونفس العادات، ونفس التصرفات، يكون من العسير عليه
تغيير سلوكه والتخلص من عاداته، وإن تمكن من شيء من ذلك بمجهود تربوي خارق،
فإنه تنتابه - بين الفينة والأخرى ذ مشاعر الحنين إلى ماضيه، والعودة إلى
سالف عهده وقديم عاداته. لكن يبدو أن هذا القانون النفسي التجريبي لا ينطبق
على سلوك الأفراد وحدهم، وإنما يتجاوزهم ليشمل المجتمعات والدول كذلك.
مناسبة هذا الكلام، هو الحملة العسكرية الانتهازية التي تقودها فرنسا في شمال مالي، البلد الإفريقي المسلم الفقير، تحت قناع ' محاربة الإرهاب'، و' التصدي للجماعات المسلحة'.
المعلن من أهداف فرنسا في تدخلها العسكري في مالي، هو 'الحفاظ على الأمن والسلام بمنطقة الساحل والصحراء'، و'حرمان الجماعات المسلحة من ملاذ آمن لممارسة أنشطتها الإرهابية'، و'حماية سكان شمال مالي من عنف الجماعات المسلحة'، ومسك ختام الأهداف ما جاء على لسان الرئيس أولاند ووزير خارجيته فابيوس من أنه ' ليس لفرنسا أي مصلحة من وراء هذا التدخل العسكري'.
كان من الممكن أن نصدق المسؤولين الفرنسيين في ادعاءاتهما الإنسانية وتصريحاتهما المعسولة، لو كان هذا أول تدخل عسكري لفرنسا خارج حدودها.
كان يمكن أن نصدقهما، لو كانت فرنسا تتدخل في كل أزمة دولية تكون لها عواقب وتداعيات إنسانية، مثل ما حدث سابقا من مجازر - في قلب أوربا - في البوسنة والهيرسك، أو ما حصل بين الهوتو والتوتسي من حرب أهلية طاحنة في روندا، وما يجري اليوم من إبادة جماعية للشعب السوري على يد شبيحة الأسد وعصاباته الإجرامية.
وكان يمكن أن نصدقهما، لو لم يكن لفرنسا تاريخ طويل من الاستعمار، وتجربة ممتدة من العدوان والحروب والحملات العسكرية والتدخل في الشؤون الداخلية لكثير من البلدان، من عهد نابوليون بونابارت إلى اليوم.
أما وأن شيئا من ذلك لم يحصل، فإننا نأسف لاضطرارنا للشك في نوايا فرنسا، وعدم تصديق تصريحات مسؤوليها، وبحوزتنا ألف سبب يدعو لذلك.
إن تاريخ فرنسا الاستعماري، وسياستها الخارجية، وسلوكها الدولي، ينطق بعدة حقائق، هي أقوى وأوضح وأصدق من كل تصريحات وبيانات وخطب المسؤولين الفرنسيين، ومن تلك الحقائق:
أولا: أن سلوك فرنسا الدولي، ومواقفها الخارجية، تبقى محكومة بالمصالح الفرنسية قبل كل شيء، وليس بأي اعتبارات إنسانية أو أخلاقية أو غيرها، وإلا فلماذا تدخلت فرنسا بحماس وإصرار في الأزمة الليبية، حيث الامتيازات الاقتصادية، وعقود النفط، وأحجمت عن التدخل في الملف السوري، ولو بتسليح الثوار، مع أن الكلفة البشرية للحرب في سوريا أكبر، والأزمة الإنسانية أفظع.
ثانيا: أن تدخل فرنسا في مالي، هو تدخل في منطقة غرب إفريقيا، التي تعتبر في السياسة الخارجية الفرنسية منطقة نفوذ اقتصادي وثقافي ولغوي فرنسي، لا يتحمل الفرنسون أي منافسة فيها، خصوصا بعدما تراجع النفوذ الفرنسي في العالم بشكل ملفت.
ثالثا: أن هذا التدخل الفرنسي السافر في الشؤون الداخلية لدولة ذات سيادة، يؤكد عقدة الحنين إلى الماضي الاستعماري، لدى فرنسا ولدى غيرها من القوى الاستعمارية، ويشهد على عودة حليمة إلى عادتها القديمة.
رابعا: أن تبرير التدخل الفرنسي في مالي، بالاعتبارات الإنسانية، والشرعية الدولية، ليس إلا ذرا للرماد في العيون، وكذبا على الذقون، أشبه ما يكون بتبرير الأمريكان الفج لعدوانهم على العراق، بأكذوبة أسلحة الدمار الشامل.
والسؤال هو: إلى متى تظل القوى الاستعمارية القديمة والجديدة، ممدودة اليد في الأرض، تتصرف في مصائر الدول والشعوب، دون حسيب ولا رقيب؟ وإلى متى تظل شعارات ' محاربة الإرهاب' و' الشرعية الدولية' و' السلم العالمي' أقنعة تمارس من خلالها تلك القوى غطرستها واستكبارها انتهازيتها؟ وإلى متى يظل المسلمون المستضعفون على رأس ضحايا ' الشرعية الدولية' الخرقاء وعلاقاتها المختلة العرجاء؟
مناسبة هذا الكلام، هو الحملة العسكرية الانتهازية التي تقودها فرنسا في شمال مالي، البلد الإفريقي المسلم الفقير، تحت قناع ' محاربة الإرهاب'، و' التصدي للجماعات المسلحة'.
المعلن من أهداف فرنسا في تدخلها العسكري في مالي، هو 'الحفاظ على الأمن والسلام بمنطقة الساحل والصحراء'، و'حرمان الجماعات المسلحة من ملاذ آمن لممارسة أنشطتها الإرهابية'، و'حماية سكان شمال مالي من عنف الجماعات المسلحة'، ومسك ختام الأهداف ما جاء على لسان الرئيس أولاند ووزير خارجيته فابيوس من أنه ' ليس لفرنسا أي مصلحة من وراء هذا التدخل العسكري'.
كان من الممكن أن نصدق المسؤولين الفرنسيين في ادعاءاتهما الإنسانية وتصريحاتهما المعسولة، لو كان هذا أول تدخل عسكري لفرنسا خارج حدودها.
كان يمكن أن نصدقهما، لو كانت فرنسا تتدخل في كل أزمة دولية تكون لها عواقب وتداعيات إنسانية، مثل ما حدث سابقا من مجازر - في قلب أوربا - في البوسنة والهيرسك، أو ما حصل بين الهوتو والتوتسي من حرب أهلية طاحنة في روندا، وما يجري اليوم من إبادة جماعية للشعب السوري على يد شبيحة الأسد وعصاباته الإجرامية.
وكان يمكن أن نصدقهما، لو لم يكن لفرنسا تاريخ طويل من الاستعمار، وتجربة ممتدة من العدوان والحروب والحملات العسكرية والتدخل في الشؤون الداخلية لكثير من البلدان، من عهد نابوليون بونابارت إلى اليوم.
أما وأن شيئا من ذلك لم يحصل، فإننا نأسف لاضطرارنا للشك في نوايا فرنسا، وعدم تصديق تصريحات مسؤوليها، وبحوزتنا ألف سبب يدعو لذلك.
إن تاريخ فرنسا الاستعماري، وسياستها الخارجية، وسلوكها الدولي، ينطق بعدة حقائق، هي أقوى وأوضح وأصدق من كل تصريحات وبيانات وخطب المسؤولين الفرنسيين، ومن تلك الحقائق:
أولا: أن سلوك فرنسا الدولي، ومواقفها الخارجية، تبقى محكومة بالمصالح الفرنسية قبل كل شيء، وليس بأي اعتبارات إنسانية أو أخلاقية أو غيرها، وإلا فلماذا تدخلت فرنسا بحماس وإصرار في الأزمة الليبية، حيث الامتيازات الاقتصادية، وعقود النفط، وأحجمت عن التدخل في الملف السوري، ولو بتسليح الثوار، مع أن الكلفة البشرية للحرب في سوريا أكبر، والأزمة الإنسانية أفظع.
ثانيا: أن تدخل فرنسا في مالي، هو تدخل في منطقة غرب إفريقيا، التي تعتبر في السياسة الخارجية الفرنسية منطقة نفوذ اقتصادي وثقافي ولغوي فرنسي، لا يتحمل الفرنسون أي منافسة فيها، خصوصا بعدما تراجع النفوذ الفرنسي في العالم بشكل ملفت.
ثالثا: أن هذا التدخل الفرنسي السافر في الشؤون الداخلية لدولة ذات سيادة، يؤكد عقدة الحنين إلى الماضي الاستعماري، لدى فرنسا ولدى غيرها من القوى الاستعمارية، ويشهد على عودة حليمة إلى عادتها القديمة.
رابعا: أن تبرير التدخل الفرنسي في مالي، بالاعتبارات الإنسانية، والشرعية الدولية، ليس إلا ذرا للرماد في العيون، وكذبا على الذقون، أشبه ما يكون بتبرير الأمريكان الفج لعدوانهم على العراق، بأكذوبة أسلحة الدمار الشامل.
والسؤال هو: إلى متى تظل القوى الاستعمارية القديمة والجديدة، ممدودة اليد في الأرض، تتصرف في مصائر الدول والشعوب، دون حسيب ولا رقيب؟ وإلى متى تظل شعارات ' محاربة الإرهاب' و' الشرعية الدولية' و' السلم العالمي' أقنعة تمارس من خلالها تلك القوى غطرستها واستكبارها انتهازيتها؟ وإلى متى يظل المسلمون المستضعفون على رأس ضحايا ' الشرعية الدولية' الخرقاء وعلاقاتها المختلة العرجاء؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق