الأربعاء، 10 أبريل 2013

الاغتيالات السياسية في المجتمع العربي الإسلامي ـ ج3

الاغتيالات السياسية في المجتمع العربي الإسلامي ـ ج3
- اغتيال موظفي الدولة
ونعني بهم مجموعة الوزراء والكتاب والحجاب وأصحاب المهن والوظائف العاملين في دار الخلافة ومؤسساتها الأخرى، وهذه الفئة نجدها أيضاً عرضة للاغتيالات من جهات عدة ومتى استدعت الحاجة الملحة لذلك الاغتيال، وإذا ما وقفنا وقفة عند الوزراء خلال العصر العباسي نجد أنهم طالما كانوا عرضة للاغتيال من قبل الخلفاء، وليس ذلك اعتباطاً وإنما يتم تصفيتهم عندما يظهر منهم ما يستحق القتل والاغتيال، كتعاظم نفوذهم وطغيانهم أو تأمرهم على أمن الدولة وسلامتها، ولعل قضية تصفية أبي سلمه الخلال خير نموذج نبتدئ به قولنا هذا، فقد أوردت المصادر إنه أراد نقل الخلافة للعلويين، وهناك روايات عديدة مختلفة حول طبيعة اغتياله منها ما يصور أن أبا مسلم الخراساني أمر من جلس لأبي سلمه الخلال ليلا أثناء خروجه من مجلس سمره مع أبي العباس السفاح واغتيل (101). ومن المصادر ما تشير أن الخليفة أبي العباس السفاح هو الذي أوعز بقتله (102)، وهناك من المصادر ما تشير إلى أن الخليفة طلب موافقة أبي مسلم فوافقه على العملية وأن الذي نفذ العملية بأمر من أبي مسلم الخراساني (103)، وهذه الرواية هي الأقرب للصحة إذ كيف يتصرف أبو مسلم الخراساني من تلقاء نفسه ما لم يكن هناك توجيه من الخليفة، خاصة وإن الدولة العباسية لازالت في أوج قوتها وريعان شبابها .وروي أن الخليفة الهادي أراد قتل وزيره الربيع بن يونس، فاستشار بذلك خواصه فقال له رجل يدعى سعيد بن سلم: "تأمر رجلاً باتخاذ سكين وتأمر بقتله ثم تأمر بقتل ذلك الرجل" (104)، دون أن نقف من تلك الرواية على السبب الذي كان محفزاً لعملية الاغتيال. وورد في بعض المصادر رواية مفادها أن الربيع بن يونس قال في أمة العزيز جارية المهدي: "ما وضعت بيني وبين الأرض مثل أمة العزيز"(105)، فكان ذلك سبباً في حادثة الاغتيال. ولكن ذلك لا يطمأن إليه العقل ويقف عنده المنطق، أيعقل أن يأمر الخليفة الهادي باغتيال وزيره الربيع الذي كان له باع طويل في الإدارة والسياسة، فقد استوزر للخليفة أبي جعفر المنصور والخليفة المهدي وللهادي نفسه، ومن المحتّم أنه  كان يعرف كل صغيرة وكبيرة في متداخلات وشؤون الدولة المختلفة، ودار الخلافة إليه كانت أحوج، ولعل من الأنسب أن نقول أنه اغتاله ربما لطغيانه أو لتعاظم شخصه أو أنه أصبح محل إزعاج للخليفة فقام بتصفيته وإلا لا يعقل أن يغتاله بتلك الحجة الواهية في الوقت الذي يستطيع فيه الخليفة الهادي الحصول على ما يشاء من الجواري الجميلات الحسناوات مقابل الحفاظ على داهية سياسي كالربيع بن يونس .ونتيجة لطغيان البرامكة وتعاظم نفوذهم فوق نفوذ الخليفة هارون الرشيد، وبالأخص جعفر البرمكي الذي بلغ في الاستهتار أنه تزوج بالعباسة أخت الخليفة الرشيد، فلجميع تلك الدوافع أمر الخليفة الرشيد بتصفية البرامكة واغتيال جعفر البرمكي، وكان جعفر قد طلب من الخليفة أن يوليه خراسان ليبتعد عن الأجواء المشحونة حينما شعر جعفر بتغير الرشيد عليه، لكن مسرور السياف كان له الدور كبير في تأجيج غضب الخليفة الرشيد على جعفر حينما أخبره بزواج جعفر من أخت الخليفة، فأمر الرشيد بتدبير مؤامرة لاغتياله خلسة تجنباً للاضطرابات التي قد تحدث بين أنصاره وأعوانه، فأخذ جعفر إلى خيمة وقد كمن له مجموعة من الفرسان وقتل غيلة (106). واستولى الفضل بن سهل على الخليفة المأمون سياسياً وإدارياً، فكان المتصرف في شؤونه وإليه تنتهي جميع الأمور، وربما كان المأمون لا يفقه من شؤون السياسة شيئاً لطغيان سلطان الفضل على سلطان المأمون، لذلك ثقل الفضل على المأمون ودسَّ إليه جماعة اغتالوه وهو في الحمام، ولثقل الفضل وكثرة أتباعه أظهر المأمون عليه الحزن مشيراً إلى أن جماعة تأمروا على الفضل فقتلوه، وفيهم عبد العزيز بن عمران الطائي، وموسى بن عمران البصري، وخلف بن عمر المصري، وغالب الرومي، وسراج الخادم، قتلهم المأمون جميعاً وهم الذين قتلوا الفضل بأمر المأمون حتى لا ينكشف أمره أمام خواص الناس وعوامهم (107).وقد يكون للبغضاء بين موظفي الدولة والتنافس فيما بينهم على السلطة ومفردات الإدارة، سببٌ في اغتيال بعض الموظفين لإقرانهم على أمل الفوز بالمقام الأول عند الخلفاء، فيروى أن أبا أيوب المورياني كان له غلام يكتب بين يديه، ثم كتب للخليفة أبي جعفر المنصور، وكان أحد أبناء المنصور الذي كان قد تزوج أمه فيما مضى قبل قيام الدولة العباسية فافترقا وشاءت الأقدار أن يتعرف عليه المنصور، فأخذ الغلام بمجامع قلب المنصور وظن أبو أيوب المورياني أن الغلام سيأخذ مكانه فبعث إليه من اغتاله، دون أن يعلم أن الغلام ابن المنصور فكان ذلك الحادث سبباً في قتل المنصور لأبي أيوب المورياني (108) .وقد حدثت البغضاء والخشونة بين جعفر بن يحيى البرمكي ومسرور السياف خادم الخليفة هارون الرشيد، إلى الدرجة التي قال فيها جعفر لمسرور: " يا حجام يا مخنث "، وحدث كلام قبيح غليظ بينهم، ثم تصالحا ووعد جعفر مسروراً بمائتي ألف دينار بعد ما أحسّ جعفر بدور مسرور في تأليب الخليفة الرشيد عليه، لكن هذا لا يعني اطمئنان جعفر لمسرور فدسّ إليه من حاول اغتياله لكن مسرور فطن لذلك ونجنى بنفسه (109)، الأمر الذي يشير إلى أن المنافسة بين الموظفين قد تقود أحياناً إلى تصفية بعضهم البعض من أجل الفوز بالمناصب الإدارية والسياسية. وقد يكون موظفو الدولة عرضة للاغتيال من قبل الأعداء شأنهم هنا شأن بقية منتسبي الدولة، وهذا ما ذهب ضحيته شيبان بن عبد شمس بن شهاب صاحب شرطة عبيد الله بن زياد، فقد اغتيل من قبل الخوارج لأن عبيد الله قد أكثر القتل في الخوارج وربما كانت هذه حال شيبان أيضاً (110). وربما كانت هناك جملة من الاغتيالات طالت بقية طبقات الموظفين لكن لم ترد الإشارة إليها على حد علمنا.

ونعني بالزعماء هنا مجموعة القادة الخارجين عن طاعة سلطان الدولة العربية الإسلامية، من رؤساء قبائل، ومدعو النبوة، والخوارج، والأمراء، وغيرهم ممن كان ينصب العداء للرسول (ص) أو للخلفاء بصورة خاصة وللدولة العربية الإسلامية بصور عامة، وبقدر ما يسببه هؤلاء الخارجون عن الطاعة من ضرر بالغ الأهمية على الأسس الأمنية للدولة العربية الإسلامية بشكل عام، فقد اتخذت الدولة جملة من التدابير التي من شأنها الحد أو القضاء نهائياً على هؤلاء الخارجين عن الطاعة، ولعل أنسب ما عالجت به الدولة مثل هؤلاء يتمثل بالاغتيالات المنظمة لهم في حال عدم التمكن منهم نهائياً إلا بتلك الطريقة، ولا ضير في ذلك مادامت المصلحة تنحو نحو تحقيق الأمن والاستقرار السياسي النسبي في الدولة يومذاك. فمسيلمة الكذاب وطليحة بن خويلد الاسدي لكثرة أذيتهما للرسول (ص) وآثارهما السلبية على الدولة الإسلامية الناشئة والدين الإسلامي الجديد، وفي الوقت الذي لم يتمكن منهم الرسول (ص) فقد أمر أصحابه باغتيالهم أن أمكنهم ذلك (111). ومع أن الرسول (ص) لم يتمكن منهم إلا أن تلك الرواية تشير إلى أن طريقة الاغتيال كانت إحدى الحلول التي مارسها الرسول )ص) مع أعدائه المشركين. وكذلك أمر الرسول (ص) باغتيال اليهودي أبي رافع سلام بن أبي الحقيق، لأنه حزب الأحزاب على رسول الله (ص)، فتطوع لقتله خمسة من الخزرج وهم كلٌ من عبد الله بن عتيك، ومسعود بن سنان، وعبد الله بن أنيس، وأبي قتادة الحارث بن ربعي، وخزاعي بن أسود، قدموا عليه في داره وقتلوه (112) .وورد أن الخليفة عبد الملك بن مروان أراد المسير إلى قتال زفر بن الحارث الكلابي في قرقيسيا (113) - وقد خرج على سلطان الدولة الأموية -، وأستخلف عبد الملك عمرو بن سعيد الأشدق على دمشق فخرج عمرو عن الطاعة ودعا إلى نفسه، فعاد إليه عبد الملك واستطاع أن يقنعه إلى العودة إلى رشده على أن يكون ولياً  للعهد، ثم أمر عبد الملك باغتياله حينما سنحت له الفرصة وقد دخل عليه ذات مرة وحيداً وعمرو يظن أن أصحابه معه، فقتله غيلة دون أن يعرف أنه سيقتل حينما أمر الخليفة غلامه أبا الزعيزعة بقتله غيلة (114). وحينما علم الخليفة سليمان بن عبد الملك أن الشيعة تختلف إلى أبي هاشم عبد الله بن محمد بن الحنفية، مما ينبئ بوجود بوادر الخطر على سلطان الدولة الأموية، استدعى سليمان أبا هاشم إلى دمشق وأكرمه ولثقله وكثرة عدد أتباعه وتجنباً لحدوث الاضطرابات أراد سليمان قتله غيلة ليوحي للناس أنه مات ميتة طبيعية، فأمر من وضع له السم باللبن وهو في طريق عودته إلى المدينة، وحينما شعر أبو هاشم بسريان السم عرج إلى الحميمة (115) حيث محمد بن علي بن عبد الله بن عباس وسلمه مقاليد قيادة الحركة والتنظيم (116).وفي أثناء قيام الثورة العباسية ألقت القوات الأموية القبض على زعيم التنظيم العباسي إبراهيم الإمام بن محمد بن علي العباسي، وأخذ إلى الخليفة مروان بن محمد الذي أودعه السجن ثم أمر من اغتاله في سجنه، وقيل هدم عليه الدار الذي كان محبوساً فيه (117). وخرج إدريس بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب(رضي الله عنهم) على الدولة العباسية في أيام الخليفة الهادي، وارتحل إلى مصر ومنها إلى أفريقيا، ودعا هناك إلى نفسه فلم يكن أثقل شيء على الخليفة هارون الرشيد منه، فأوكل أمره إلى يحيى بن خالد البرمكي الذي أوعز إلى والي إفريقيا يومذاك هرثمة بن أعين باغتياله فاغتيل (118)، إذ لم يكن يتمكن منه إلا بطريقة الاغتيال لأنه كان بعيدا عن متناول قبضة دار الخلافة .وحينما خرج محمد بن محمد بن زيد بن علي العلوي على سلطان الخليفة المأمون ودعا إلى نفسه، أعتقل وسجن واغتيل داخل سجنه (119)، وهو أمر يشير إلى أن عملية الاغتيال في هذه الحالة كان لابد منها، وبالذات حينما لا نجد سنداً شرعياً وقانونياً لقتل هؤلاء علنا، فيتم تصفيتهم للخلاص من ما يمكن أن يشكلوه من خطر يهدد سلطان دار الخلافة .وفي جانب آخر نجد بعض الزعماء يغتالون من قبل أتباعهم ولدوافع سياسية متنوعة، فالأسود بن كعب العنسي الذي ظهر بصنعاء وتنبأ فيها، اشترك باغتياله كلٌ من زوجته وهي امرأة فارسية، وفيروز بن الديلمي، وقيس بن هبيرة بن المكشوح المرادي، ودادويه، وهؤلاء جميعا قد اسلموا، واغتالوه أولا لأنه ضد الإسلام والمسلمين، وثانياً لأنه توعد الأبناء – الفرس - بأن يجليهم عن اليمن أو أن يتركهم عبيدا فيها (120). ومال نجدة بن عامر الحنفي بعض الشيء عن سياسة الخوارج العامة، فعزلوه وأمروا عليهم أبا فديك الذي قام أصحابه – ولعله كان بأمر مباشر منه – باغتيال نجده خوفا منه (121)
7- اغتيال الزعماء

8- اغتيال الوجهاء والأعيان
وثمة طبقة أخرى من طبقات المجتمع العربي الإسلامي نجدها أيضاً عرضة للاغتيالات يومذاك وتتمثل بالوجهاء والأعيان، تلك الطبقة التي كانت لا تقل شأناً عن الطبقات العليا المتسلطة في المجتمع العربي الإسلامي، فهم بحق أصحاب نفوذ اجتماعي ولهم ثقلهم ووزنهم في المجتمع يومذاك، ولابد أن يتدخلوا أحيانا بشؤون السياسة ومتداخلات الحكم والسلطان فيكونوا عرضة للاغتيالات شأنهم هنا شأن رجال السياسة، ومن تلك الأسباب والدوافع ما يشير إلى تخوف أصحاب السلطة والنفوذ من وصول بعض الشخصيات الاجتماعية إلى سدة الحكم والخلافة، ومثال على ذلك نذكر ما جرى لسعد بن عبادة الخزرجي، فالغريب في الأمر أن غالبية مصادر ترجمته تذكر أنه قتل غيله على يد الجن في حوران (122) من بلاد الشام في أول خلافة الخليفة عمر بن الخطاب   (123). ولمجرد قتله بأرض الشام نقول ربما - والاحتمال كبير - انه اغتيل من قبل الأمويين الذين كانوا يتطلعون للخلافة منذ عهدها المبكر .وحينما أراد معاوية بن أبي سفيان البيعة بولاية العهد لولده يزيد، لم يكن أثقل عليه من أمر الحسن بن علي (رضي الله عنه) وسعد بن أبي وقاص، لذلك أمر معاوية باغتيالهما معاً فاغتيلوا (124)، لأن سعد بن أبي وقاص كان ممن تقع عليهم الأنظار لتولي مؤسسة الخلافة منذ أيام الخلفاء الراشدين. ثم دعا معاوية الناس قائلاً لهم: "إن أمير المؤمنين قد كبرت سنه، ورق جلده، ودق عظمه، وأقترب أجله، ويريد أن يستخلف عليكم، فمن ترون؟"، فأشاروا عليه بعبد الرحمن بن خالد بن الوليد، وكان أحد الوجهاء وقد عظم شأنه وعلا أمره في بلاد الشام، فضمر معاوية ذلك ثم أنه دس إليه طبيبه ابن آثال فسقاه السم فقتله من حينها (125)، واتهم به خالد بن المهاجر وقتل معاوية الطبيب حتى لا ينكشف أمره (126). بيد أن هناك أسباب ودوافع سياسية أخرى قادت إلى عملية اغتيال بعض الوجهاء والأعيان، كالخوف من تولي الولاية مثلاً، وهذا ما كان يتخوف منه الحجاج بن يوسف الثقفي، فقد قيل أن الحجاج سأل أحد الرهبان عن الشخص الذي سيلي ولاية العراق من بعد وفاته، فأخبره الراهب أنه شخص اسمه الأول يزيد، لذلك أخذ الحجاج يبحث عن الشخصيات التي تحمل ذلك الاسم، فلم يجد غير يزيد بن الحصين بن نمير السكسكي شخصاً مناسباً لذلك الوصف، وكان يزيد سيد أهل الشام يومذاك، فأمر به الحجاج واغتيل على ذلك الأساس (127). أو نجد أن بعض الشخصيات قد اغتيلت لأنها اشتركت في اتخاذ قرار الحرب من قبل طائفة ضد طائفة أخرى من المسلمين، وتلك حالات نادرة وتتمثل بما حصل للزبير بن العوام، ففي أثناء منصرفه من معركة الجمل معتزلاً تلك الفتنة - وكان في السابق من أشد المحرضين على القتال – مر بقوم فيهم الأحنف بن قيس التميمي الذي أشار على أصحابه بضرورة قتل الزبير لأنه حسب رأيهم المحرض الأساس لتلك المعركة، ولشجاعة الزبير بن العوام لم يتمكن منه قاتليه إلا باغتياله وهو نائم، قتله جماعة فيهم عمرو بن جرموز، وأخذو درعه وسيفه إلى الإمام علي (ر) الذي وبخ قاتله قائلاً له قول الرسول (ص): "بشر قاتل ابن صفية بالنار" (128)، دلالة على أن الإمام علي ( ر) بريء من دم الزبير بن العوام. أو أن يكون اغتيال بعض الشخصيات بدافع الانتقام السياسي، كما حصل لطلحة بن عبيد الله الذي اغتاله مروان بن الحكم بسهم في أثناء معركة الجمل، لأنه كان من أشد المحرضين على قتل خليفة المسلمين عثمان بن عفان   (129)، فوجد مروان الفرصة المناسبة لاغتيال طلحة في أثناء المعركة حتى يضيع دمه ولا يحمله أحد تلك المسؤولية انتقاماً لقتل الخليفة .ونجد بعض الوجهاء والأعيان يغتالون من قبل أعداء الدولة، لأنهم أسهموا في تقديم المعونة والمساعدة والمشورة للوالي، فمسعود بن عمرو العتكي الذي يقال له قمر العراق، اغتالته الخوارج لأنه أشار على والي البصرة بحبس كل من نافع بن الأزرق، وعطية بن الأسود الخارجيين، حينما طلب منه المشورة، فقتل مسعود ضحية مساعدته للدولة (130). كما نجد بعض الشخصيات تغتال من قبل الولاة حينما يظهر منهم ما يستدعي الاغتيال حسب وجهة نظر الوالي المعني، كالوقوف موقف المعارض أمام سياسة الوالي والدولة، من ذلك ما يروى أن عبد الله بن عمر بن الخطاب كان يتخذ موقفاً سلبياً من تقديم الحجاج بن يوسف الثقفي للخطبة قبل الصلاة، وكان الحجاج يقصد ضمان سماع خطبته من الجميع فلا يغادر أحد قبل الصلاة، وكان الحجاج يطيل بتلك الخطبة، وكان ابن عمر يعارض ذلك فأمر الحجاج باغتياله لا بقتله علناً وذلك للثقل الذي يمثله عبد الله بن عمر في المجتمع العربي الإسلامي يومذاك (131)، من أجل ضمان الاستمرار بتلك السياسة التي تخدم غرض الحجاج والدولة بصورة عامة .

((  أ . د . رحيم حلو محمد )) 
نهاية الجزء الثالث

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق