الاثنين، 1 أبريل 2013

عاشت الجزائر خلال اليومين الماضيين حلقات جديدة في مسلسل 'الغموض' و'التخبط' الذي تعيشه منذ أسابيع، ما يعكس الوضع السياسي الهش في البلاد، بسبب عدم وضوح الرؤية، وهو ما يوحي بوجود صراعات صامتة داخل جهاز الحكم، بخصوص ترتيبات المرحلة القادمة..ولاية رابعة لبوتفليقة يعني إدخال البلاد في أتون الفوضى, بل يجب محاسبته على الوضعية التي أوصل إليها البلد

عاشت الجزائر خلال اليومين الماضيين حلقات جديدة في مسلسل 'الغموض' و'التخبط' الذي تعيشه منذ أسابيع، ما يعكس الوضع السياسي الهش في البلاد، بسبب عدم وضوح الرؤية، وهو ما يوحي بوجود صراعات صامتة داخل جهاز الحكم، بخصوص ترتيبات المرحلة القادمة.
أول حلقة في هذا المسلسل، كانت سرقة، لكنها لم تكن سرقة عادية، فالأمر يتعلق بمجهولين تسللوا في جنح الليل إلى مقر مجلس قضاء العاصمة، ولم يكن الهدف الذي حملهم إلى داخل أعلى هيئة قضائية في العاصمة هو سرقة عتاد أو أموال، وإنما لوضع اليد على ملفات وقاعدة بيانات، وحسب الصحافة الجزائرية التي تناولت الخبر، في غياب تأكيد أو نفي رسمي، فإن 'زوار الفجر' محترفون ومدربون ويعرفون المكان جيدا، وأنهم أخذوا معهم ملفات وقاعدة بيانات تخص قضايا فساد يجري التحقيق فيها.
القضية غريبة، والأغرب منها هو الكيفية التي تمكن بها هؤلاء اللصوص من الدخول إلى ذلك المكان الموضوع تحت حراسة أمنية مشددة، وهو ما فتح الباب لأسئلة كثيرة، خاصة ما تعلق بالجهة أو الجهات التي دبرت هذه العملية، وكذا أسماء الأشخاص المتورطين في قضايا الفساد الذين كانت أسماؤهم مدونة في الملفات، وهل يوجد بينهم مسؤولون كبار في الدولة، وما هي درجة نفوذهم، التي تكون قد سمحت لهم بتدبير هذه السرقة 'على الطريقة الإيطالية'، والسؤال الأهم، هو هل توجد لدى الضبطية القضائية أو لدى جهة ما نسخ من هذه الملفات، أم أنها ضاعت للأبد، وأصحابها نجوا بفعلتهم.
الحلقة الثانية هي ما تناولته الصحافة أيضا عن هروب وزير الطاقة الأسبق شكيب خليل، دائما في ظل غياب تأكيد أو نفي رسمي، فالصحف التي كانت قبل أيام قد ذكرت أن شكيب خليل دخل الجزائر، وذلك في الوقت الذي ذكر اسمه أكثر من مرة في ما أضحى يعرف بفضيحة سوناطراك2، والتي يقوم القضاء الإيطالي بالتحقيق فيها، إلى جانب القضاء الجزائري الذي فتح أيضا تحقيقا في الصفقات المشبوهة التي تكون سوناطراك قد أبرمتها مع شركة 'سايبام' الإيطالية، في عهد 'سطوة' شكيب خليل على الوزارة وعلى سوناطراك.
لكن ما تناقلته الصحف عن دخول خليل المقيم بالخارج منذ إقالته سنة 2010 التراب الجزائري، لم يتم أيضا لا تأكيده ولا نفيه، خاصة في ظل عدم وجود أي استدعاء من القضاء لشكيب خليل، سواء لإدانته أو لسماع أقواله، لكن نفس الصحف عادت لتقول إن خليل وبعد بضعة أيام قضاها في ولاية وهران (400 كيلومتر غرب العاصمة) قام بتصفية ممتلكاته بها، ويتعلق الأمر بفيلات وشقة فخمة بالمدينة الساحلية، والأغرب هو تأكيد الصحافة على أن خليل غادر التراب الجزائري بجواز سفر جزائري (يمتلك جوازا أمريكيا) عن طريق مطار وهران، وهذا رغم صدور قرار من القضاء بمنعه من مغادرة التراب الوطني، واستدعائه لسماع أقواله في فضية سوناطراك 2.
أما الحلقة الثالثة، والتي تتصل بالتخبط الذي تعيشه البلاد، وهي 'خلافة بوتفليقة'، خاصة وأنه لم يتأكد بعد إن كان هذا الأخير سيخلف نفسه، أم أن ساعة التغيير، ولو على مستوى قصر الرئاسة، قد دقت، وهو الأمر الذي جعل بعض الساسة يتحركون لتشكيل جبهة 'صمود وتصدي' ضد ترشح بوتفليقة لولاية رابعة، خاصة بعد أن بدأت 'أبواق' الدعاية تتحرك و'تتوسل' الرئيس أن ينزل عند رغبة 'شعبه' بالترشح لولاية رابعة، وهو تقليد دأبت الساحة السياسية عليه، إذ يتم تحريك ما يسمى بلجان المساندة، التي يقف خلفها عادة رجال أعمال وأصحاب مصالح اقتصادية وسياسية، يحشدون فيها بضعة آلاف، ويشرعون في تنظيم مهرجانات وتجمعات تنادي الرئيس ليترشح مجددا.
و في هذا الإطار قرر أحمد بن بيتور رئيس الحكومة الأسبق الذي كان السباق للإعلان عن ترشحه للانتخابات الرئاسية القادمة تشكيل جبهة صمود مع رئيس حزب جيل جديد جيلالي سفيان، وذلك من أجل قطع الطريق على بوتفليقة، وقطع الطريق على الذين يروجون لمشروع الولاية الرابعة، وخاصة لويزة حنون زعيمة حزب العمال، التي أصبح تصنيف حزبها في خانة المعارضة صعبا، بعد أن أصبحت السباقة في دعم ولاية رابعة لبوتفليقة، الذي تثني عليه في كل مناسبة، وتهاجم كل خصومه، والأغرب أنها تهاجم رجاله، ولكنها دائما تبرؤه من سوء التسيير الحاصل في البلاد، وهو ما جعل بن بيتور يصف تصرفاته بـ'البلطجة السياسية'.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق