الخميس، 14 مارس 2013

الجزائر تحاول استخلاص العبر من أحداث «عين أميناس » الجزائر تستكشف منابع الإرهاب والفقر بمدن النفط في الجنوب.الخماية البمدنية

تحاول الجزائر رسم خارطة طريق للقضاء على الفقر والارهاب اللذان يطوقان مدن الجنوب حيث منابع النفط.

نعمان عبد الله الشطيبي باريس

باريس – يخوض أعضاء من الحكومة الجزائرية سباقا مع الزمن لمد جسور التواصل مع فعاليات المجتمع المدني في منطقة الجنوب، سيما في الولايات الحدودية مع ليبيا ومالي والنيجر، وذلك في أعقاب استشعارها لخطر انفجار حقيقي يكبر ككرة الثلج في أحزمة الفقر التي تحيط بمدن وآبار النفط والتي تعيل الجزائريين وتوفر فرص الشغل للقادمين من مدن الشمال.

وهؤلاء يهيمنون رفقة العمالة والاطارات الأوروبية والأسيوية على مفاصل عجلة النفط في الجنوب، بينما ظل سكان المنطقة محرمون لعقود كاملة من فرصة الحصول على مثل تلك الفرصة، أو الانخراط في سلك من أسلاك الدولة.

وتذكر مصادر مطلعة أن تقارير أمنية واستخباراتية دفعت الحكومة إلى المسارعة في بناء علاقات متينة مع سكان الجنوب للتقليص من حجم الفجوة المتراكمة منذ العقود الماضية بين سكان الجنوب في أحزمة الفقر والحكومة في الشمال، وبالتالي قطع الطريق أمام محاولات استقطاب هؤلاء لفائدة جهات انفصالية وجهادية خاصة بعد تنامي نشاط القاعدة في منطقة الساحل، والأصوات الداعية لتأسيس دولة الطوراق.

ويبدو أن الآليات القديمة التي كانت تديرها الحكومة للتواصل مع سكان الجنوب لم تعد مجدية، فاعتمادها الكلي على ما يعرف بأعيان وأكابر "الأهقار" جعل العلاقة تنحصر في اطار ضيق ومعزول، مما ولد حالة من التمرد لدى الأجيال الشابة من الطوراق وسكان الجنوب عموما، الذين انتفضوا في الكثير من المناسبات ضد السلطات المحلية من أجل توفير فرص الشغل والسكن والخدمات.

ويتيح توجه معظم هؤلاء إلى نشاط التهريب والتجارة غير الشرعية، أن يجعلهم لقمة سائغة للسقوط في شراك التيارات الجهادية والانفصالية المتنامية في المنطقة، مستفيدة من مشاعر الاقصاء والتهميش التي تشحن هؤلاء، جراء الفقر الذي يحاصرهم في صحراء سطحها فقر وباطنها رخاء يستفيد منه القادمون من الشمال، بينما يحرمون هم من ظروف الحياة الكريمة التي يفترض أن تبدأ من الجنوب نحو الشمال وليس العكس.

وفي هذا الصدد كشف أحد المجتمعين مع الوفد الحكومي، أن وزير الداخلية، دحو ولد قابلية، قد أعلن عن ترسيم مجلس أعيان ومشايخ الجنوب خلال الأيام المقبلة، حتى تكون له صبغة قانونية. وأضاف بعد نهاية اللقاء الثاني الذي جمع نحو خمسين عضوا من أعيان ومشايخ الجنوب، بوزيري الداخلية دحو ولد قابلية والفلاحة رشيد بن عيسى بولاية إليزي، "أن كافة الأعيان نددوا بالعمل الإرهابي الذي استهدف القاعدة الغازية بتيفنتورين، وقدموا تعازيهم، على لسان الشيخ ماضوي، أحد أعيان ولاية إليزي، إلى عائلات الضحايا الأجانب عبر الحكومة".

وأشار المتحدث إلى أن الأعيان أخذوا عهدا على أنفسهم أمام الوزيرين لتأمين وحماية الولايات الجنوبية، ولا سيما الحدودية منها، حتى لا تتكرر مرة أخرى حادثة تيفنتورين التي كانت نتيجة ضعف اليقظة والتجند لصد الخطر، حيث قال الشيخ ماضوي: ''إن الوطن الجزائري هو فوق كل اعتبار''. وتوجه، حسب المتحدث، إلى كافة سكان ولايات الجنوب وحثهم على التجند رجالا ونساء لتأمين المنطقة والعمل على تنميتها.

وحرص ولد قابلية على طمأنة أعيان ومشايخ الجنوب، بأن الدولة ماضية على نحو جاد في تنمية ولايات الجنوب والتكفل بانشغالات أبنائها وفي مقدمتها قطاعات الفلاحة والسكن والصحة والتشغيل. وقال المتحدث إن ولد قابلية أعلن، خلال اللقاء، عن ترسيم مجلس أعيان ومشايخ الجنوب خلال الأيام المقبلة، ما يعني أن المجلس سيكون له إطار قانوني محدد ينشط بمقتضاه.

كما أعلن ولد قابلية عن إيفاد ممثلين عن مراقبين من عدة قطاعات إلى ولاية إليزي، للقيام بعملها، خاصة في ظل شكاوى تقدم بها عدد من سكان الولاية إلى الوزير، تتعلق برفض الشركات البترولية التي يزيد عددها بالولاية عن الـ200 منح مناصب شغل دائمة لأبناء المنطقة، إلى جانب قضية تأخر إنجاز عدة مشاريع، لاسيما في قطاعات السكن والشباب والرياضة والصحة والتعليم. وأعلن الوزير أن الحكومة فرضت على 4 شركات بترولية كبرى إنشاء فروع لها بإليزي وورقلة لتوفير مناصب شغل، فيما تقرر موازاة مع ذلك إنجاز 4 مراكز للتكوين في المحروقات، للتخلص من حجة أن أبناء الجنوب غير مؤهلين لتقلد مناصب في تلك الشركات.

كما عبر المجتمعون للوفد الحكومي عن رغبتهم في الانخراط في صفوف الجيش في سابقة أولى من نوعها، وهو الطلب الذي يجد مبرراته في مشاركة سكان الجنوب في الدفاع عن ربوع البلاد من تهديدات القاعدة، لكن الأمر ينم عن محاذير جعلت وزير الداخلية يتردد في الرد على الطلب، وأبلغ محاوريه أن وزراته مستعدة لدمج شباب المنطقة في أسلاك الأمن، كغيره من شباب المناطق الأخرى، وأما مسألة الانخراط في الجيش فستفصل فيه وزارة الدفاع الوطني.

وذكر أحد المحاورين أن وحدات "المهاريست" في حاجة لتعزيز صفوفها بعدد اضافي من ابناء المنطقة لتأمين الحدود. والمهاريست، نسبة الى المهري "الجمل"، هي وحدات من الجيش الجزائري تتنقل على الجمال وتعمل مع حرس الحدود في الصحراء الجزائرية الشاسعة، وأغلب أفرادها من سكان الجنوب لكن الضباط والقيادات من خريجي المدارس العسكرية الواقعة في الشمال.

وذهب أحمد زغري، نائب سابق في البرلمان عن ولاية ايليزي، أبعد من ذلك بقوله "لو ان الدولة تعاونت معنا لما تمكنت المجموعة التي هاجمت المجمع الغازي بتيقنتورين واحتجزت رهائن من التسلل الينا"، وأوضح زغري في لومه لولد قابلية "يوجد فقط ثلاثة مراكز متقدمة للجيش على الشريط الحدودي مع ليبيا المقدر بحوالي 1000 كلم، وليس فيها العدد الكافي من الجنود، كما ان العساكر العاملين هناك لا يعرفون كل المنطقة".

وتابع "في كثير من الأحيان يوهم أشخاص مشكوك فيهم الجيش انهم رعاة ابل فقدوا قطعانهم.. وهو ما لا يمكنهم فعله معنا لأننا نعرف كل مالكي الابل على جانبي الحدود وأكثر من ذلك لدينا دراية جيدة بتضاريس المنطقة".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق