الأحد، 24 مارس 2013

في منتصف الليل دخلت عليه حماته وطلبت منه فعل الفاحشة فأبى


رجل تزوج بآنسة من بلدة أخرى، وفي يوم ما ذهب لزيارة أصهاره وبات عندهم نظراً لبعد المسافة بين البلدين، وفي منتصف الليل دخلت عليه حماته وطلبت منه فعل الفاحشة فأبى ولما ألحت عليه زنا بها ثم ندم على هذا الفعل الشنيع وطلق زوجته حتى يقطع الصلة بينه وبين حماته ويكون في مأمن من الوقوع في هذه المصيبة مرة أخرى. فما حكم الشرع الشريف في هذه الحالة أفيدونا ؟
الشيخ جعفر الطلحاوي من علماء الأزهر
2011-11-16
الاجابه
الحمد لله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، والصلاة والسلام على رسول الله ومن والاه، وبعد..
فمن المعلوم أن مذهب أبي حنيفة رضي الله عنه أن الزنا بأم الزوجة يترتب عليه حرمة مؤبدة، وكذلك دواعي الزنا كاللمس والنظر إلى العضو المخصوص منها بشهوة، وهذا رأي كثير من الصحابة كعمر وعمران بن الحصين وجابر بن عبدالله وأبي بن كعب وعائشة ابن مسعود وابن عباس وجمهور التابعين رضي الله عنهم أجمعين.
وقد استدلوا على هذا الحكم بقوله عليه الصلاة والسلام " ملعون من نظر إلى فرج امرأة وبنتها"، وبقوله صلى الله عليه وسلم " من نظر إلى فرج امرأة, لم تحل له أمها ولا بنتها"، وقال الامام الشافعي رضي الله عنه الزنا بأم الزوجة لا يوجب حرمة الزوجة، واستدل على ما قال بقوله عليه الصلاة والسلام " لا يحرم الحرام الحلال"، ولأن الزنا لو كان مؤثراً لحلل المزني بها لمطلقها ثلاثاً واللازم باطل بالاتفاق فكذا الملزوم.
ومما تقدم نعلم جواب السؤال، وهو أن هذا الرجل المسؤول عنه حرمت عليه زوجته حرمة مؤبدة عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى، ولا تحرم عليه بهذا الفعل عند الامام الشافعي رحمه الله تعالى؛ وعليه إن كان الطلاق الحاصل منه بعد هذا الفعل الشنيع بلفظ الثلاث أو مكملاً للثلاث حرمت عليه أيضاً حتى تنكح زوجاً غيره، وإن لم يكن كذلك حلت له بالمراجعة في العدة أو بعقد جديد على حسب نوع اليمين الصادر منه.
ولقد لخص العلماء أضرار الزنا - بعد فهم الآيات والأحاديث الواردة في هذا الشأن - بما يأتي:
أولاً: أن الزنا يذهب نور الإيمان من قلب الزاني (حين يزني)، ومات ولم يتب من ذنبه.
ثانياً: أن فاحشة الزنا أشد من القتل والسرقة وغيرهما، ولذلك أبيح قتل مرتكبها إن كان محصناً.
ثالثاً: الزنا نذير الرعب والفزع - ولا يستجيب الله دعاء الزاني المدمن على الزنا.
رابعاً: تشتعل نار جهنم في وجهه يوم القيامة عقوبة له.
خامساً: يرمي الله الزاني في داخل فرن مشتعلة في وسط نار جهنم يصهر جسمه، ويحرق بدنه.
سادساً: رائحتهم في وسط نار جهنم تكون نتنة قذرة مثل المراحيض- حتى يتأذى منها أهل النار.
سابعاً: يمحو الله اسم الزاني من سجل الطاهرين الأبرار، ويطرد من حظيرة المؤمنين الخيار.
ثامناً: لا ينظر الله عز وجل يوم القيامة إلى الزناة نظرة رحمة ورضا، وإنما ينظر إليهم نظرة غضب.
تاسعاً: يحرم الله الجنة على الزاني الذي استحل الزنا ومرن عليه واستمرأه ولم يتب منه، فلا يشم رائحة الجنة.
عاشراً: انتشار الزنا يسبب وجود ذرية فاسدة مخزية تؤذي المجتمع وتهدمه وتجلب له الدمار.
الحادي عشر: إذا ظهر الزنا في قرية فإن الله تعالى أنذرهم بالخراب والهلاك والدمار كما فعل بقوم لوط.
الثاني عشر: الزنا يكون سبباً في الفضيحة والعار في الدنيا والآخرة.
الثالث عشر: الممتنع عن الزنا خوفاً من عذاب الله تعالى، يظلله الله في ظله يوم القيامة، ويعفو عنه ويسامحه، وينجيه من الأهوال.
الرابع عشر: البعد عن ارتكاب فاحشة الزنا، خشية من الله تعالى، يزيد في الرزق، ويجلب الخير، ويجعل في وجه المؤمن مهابة، وبهاء، ونوراً.
والله تعالى أعلم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق