هناك حقيقه بديهية جدا. وهي أن سفر الزوج
بعيدا عن زوجته وأسرته يعتبر فرصة ذهبية من أجل الزواج الثاني، أو الخيانة،
أو على الأقل التحرر من الالتزام الأسري!!
والزوج الذي يتنازل عن هذه الفرصة الذهبية ويحرص على اصطحاب
زوجته معه، ويبذل في سبيل هذا الكثير –كما ذكرت في رسالتك– هو زوج ينوي
الحفاظ على بيته وأسرته، ولا يضمر أي نية تهدد هذا البيت، وهو زوج مستعد
للتضحية بالحرية والانطلاق في مقابل أن يحيا حياة أسرية مستقرة.
ولكنك تقولين إنه أحيانا ينظر لنساء أخريات بعض النظرات
العابرة التي تثير لديك الشك والريبة.. وهنا أقول لك –وبكل صراحة– وهل يوجد
رجل على سطح الأرض لا ينظر تلك النظرات العابرة؟! أي رجل –بطبيعته– قد
يلفت انتباهه امرأة جميلة أو جذابة.. هذا أمر طبيعي جدا.. ولذلك أمر الله
تعالى بغض البصر؛ لأنه سبحانه وتعالى يعلم أن أي رجل، أو أي امرأة قد تنجذب
أنظارهما بشكل عابر نحو الجنس الآخر، فأمر سبحانه وتعالى بغض البصر قدر
المستطاع.
معنى هذا أن الانجذاب أمر طبيعي.. يحدث حتى لو كان الرجل
متزوجا ويحب زوجته، وأن كل رجل يحاول أن يقاوم هذا الانجذاب عن طريق غض
البصر، أو على الأقل ألا يتمادى في النظر والتفحص؛ لأنه كما قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم " النظرة الأولى لك والثانية عليك" أي إنك قد تقع في
النظرة الأولى بشكل عابر ودون قصد، ولكنك إذا تماديت واستمررت في النظر
لنفس المرأة تكون قد وضعت نفسك على بداية الهاوية.
مرة أخرى أريد أن أقول إن هذا الانجذاب طبيعي ولا يعني أن
زوجك لا يحبك، خاصة أنه لا يتمادى فيه أو يبالغ، بل إنه بالتأكيد يقاومه
بشكل ناجح، والدليل على ذلك كما ذكرت في السطور السابقة أنه حرص على
استقدامك واصطحابك، ولو كان ينوي الانطلاق والتحرر لما فعل ذلك.
ولكن هنا يأتي سؤال مهم: ما هي العوامل التي تساعد هذا البيت
على أن يستمر نحو المزيد من الاستقرار؟
الإجابة بالتأكيد: ليست الغيرة ولا الشك ولا النكد.
وإنما حسن العشرة، والمعاملة الطيبة، والحب والرحمة.
ولا يوجد أي تأثير –علي الإطلاق– لكونك أكبر منه بسنة،
فالسيدة خديجة –رضي الله عنها– كانت أكبر من الرسول صلى الله عليه وسلم
بخمسة عشر عاما!! ولكنه ظل يحبها حتى بعد موتها!! ولم يتزوج عليها في
حياتها!! هو أحبها لأنها صدقته حين كذبه الناس، ورحمته حين ظلمه الناس..
والعكس صحيح.. هناك أزواج يبغضن أزواجهن رغم أنهن صغيرات وجميلات وفاتنات!!
لا تقفي كثيرا أمام هذا الفارق البسيط في السن، ولكن كرسي
انتباهك للعوامل الحقيقية التي تصنع حبا وتفاهما عميقا بينك وبين زوجك.
أنت تقولين إن أول عام للزواج بينكما كان مليئا بالمشاكل، ثم
استمرت العلاقة بينكما عن طريق التليفون والإنترنت تتخللها زيارات ثانوية
قصيرة، والآن بدأت الحياة الحقيقية بينكما، وكأن الفترة السابقة أقرب
(للخطوبة)، والآن بدأ الزواج بمعناه الكامل.. لذلك اهتمي بمعرفة زوجك وفهم
شخصيته، واستوعبي مفاتيح تلك الشخصية، وتعلمي ما هو الوقت المناسب والأسلوب
المناسب للكلام والصمت والغضب والرومانسية.. تعلمي كيف تتواصلين مع زوجك،
وكيف تكون حياتكما أفضل، وما هي الإيجابيات التي يمكن أن تستمتعوا بها، وما
هي السلبيات التي تحتاج للعلاج، وما هي الأخلاق التي تحاولون تغييرها، وما
هي الطباع التي تحاولون التأقلم عليها؟ وهذا هو ما يصنع النجاح، وتتضاءل
بجواره أي أمور هامشية أخرى مثل هذا الفارق البسيط في السن.
تقولين يا أختي الكريمة إنك تريدين تعويض ما فاتك، وأقول لك إن هذا ليس
أمرا مستحيلا إذا (قررت) أن تحققيه، وبذلت (التركيز والجهد) في الأمور
الأساسية بدلا من الأمور الفرعية التي لن تجلب لك سوى التشتيت والنكد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق